65 - ـ فصل : قمة التدبر .
قرأت من غرائب العلم و عجائب الحكم على بعض من يدعي العلم فرأيته يتلوى من سماع ذلك و لا يطلع على غوره و لا يشرئب إلى ما يأتي فصدفت عن إسماعه شيئا آخر و قلت : إنما يصلح مثل هذا الذي لب يتلقاه تلقي العطشان الماء .
ثم أخذت من هذه إشارة هي أنه لو كان هذا يفهم ما جرى و مدحني لحسن ما صنعت لعظم قدره عندي و لأريته محاسن مجموعاتي و كلامي و لكنه لما لم أره لها أهلا صرفتها عنه و صدفت بنظري إليه .
و كانت الإشارة : أن الله D قد صنف هذه المخلوقات فأحسن التركيب و أحكم الترتيب ثم عرضها على الألباب فأي لب أو غل في النظر مدح على قدر فهمه فأحبه المصنف و كذلك أنزل القرآن يحتوي على عجائب الحكم فمن فتشه بيد الفهم و حادثة في خلوة الفكر استجلب رضى المتكلم به و حظي بالزلفى لديه .
و من كان للذهن مستغرق الفهم بالحسيات صرف عن ذلك المقام قال الله D : { سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق }