77 - ـ فصل : إلزم باب مولاك .
ينبغي للعاقل أن يلازم باب مولاه على كل حال و أن يتعلق بذيل فضله إن عصى و إن أطاع .
و ليكن له أنس في خلوته به فأن وقعت وحشة فليجتهد في رفع الموحش كما قال الشاعر : .
( أمستوحش أنت مما جنيت ... فأحسن إذا شئت و استأنس ) .
فإن رأى نفسه مائلا إلى الدنيا طلبها منه أو إلى الآخرة سأله التوفيق للعمل لها .
فإن خاف ضرر ما يرومه من الدنيا سأل الله إصلاح قلبه وطب مرضه فإنه إذا صلح لم يطلب ما يؤذيه .
و من كان هكذا كان في العيش الرغد غير أن من ضرورة هذه الحال ملازمة التقوى فإنه لا يصلح الأنس إلا بها .
و قد كان أرباب التقوى يتشاغلون عن كل شيء إلا عن اللج و السؤال .
و في الخبر : أن قتيبة بن مسلم لما صاف الترك هاله أمرهم فقال : أين محمد بن واسع ؟ فقيل : هو في أقصى الميمنة جنح على سية قوسه يومي بأصبعه نحو السماء فقال قتيبة : تلك الإصبع الفاردة أحب إلي من مائة ألف سيف شهير و سنان طرير فلما فتح عليهم قال له : ما كنت تصنع ؟ قال : آخذ لك بمجامع الطرق