89 - ـ فصل : لا قيمة للجنة مع إعراض الحبيب .
بالله عليك يا مرفوع القدر بالتقوى لا تبع عزها بذل المعاصي .
و صابر عطش الهوى في هجير المشتهى و إن أمض و أرمض .
فإذا بلغت النهاية من الصبر فاحتكم و قل فهو مقام من لو أقسم على الله لأبره .
تالله لولا صبر عمر ما انبسطت يده يضرب الأرض بالدرة .
و لولا جد أنس بن النضير في ترك هواه و قد سمعت من آثار عزمته : [ لئن أشهدني الله مشهدا ليرين ما أصنع فأقبل يوم أحد يقاتل حتى قتل فلم يعرف إلا ببنانه ] فلولا هذا العزم ما كان إنبساط وجهه يوم حلف و الله لا تكسر سن الربيع .
بالله عليك تذوق حلاوة الكف عن المنهى فإنها شجرة تثمر عز الدنيا و شرف الآخرة .
و متى اشتد عطشك إلى ما تهوى فابسط أنامل الرجاء إلى من عنده الري الكامل .
و قل قد عيل صبر الطبع في سنيه العجاف فعجل لي العام الذي فيه أغاث و أعصر .
بالله عليك تفكر فيمن قطع أكثر العمر في التقوى و الطاعة ثم عرضت فتنة في الوقت الآخر كيف نطح مركبه الجرف فغرق وقت الصعود .
أف و الله للدنيا لابل للجنة إن أوجب نيلها إعراض الحبيب .
إنما نسب العامي باسمه و اسم أبيه فأما ذوو الأقدار فالألقاب قبل الأنساب .
قل لي : من أنت ؟ و ما عملك ؟ و إلى أي مقام ارتفع قدرك ؟ يا من لا يصبر لحظة عما يشتهي .
بالله عليك أتدري من الرجل ؟ .
الرجل و الله من إذا خلا بما يحب من المحرم و قدر عليه و تقلل عطشا إليه نظر إلى نظر الحق إليه فاستحى من إجالة همه فيما يكرهه فذهب العطش .
كأنك لا تترك لنا إلا ما لا تشتهي أو مالا تصدق الشهوة فيه أو مالا تقدر عليه .
كذا و الله عادتك إذا تصدقت أعطيتك كسرة لا تصلح لك أو في جماعة .
يمدحونك .
هيهات و الله و لا نلت ولايتنا حتى تكون معاملتك لنا خالصة تبذل أطايبك و تترك مشتهياتك و تصبر على مكرهاتك .
علما منك تدخر ثوابك لدينا إن كنت معاملا بأنك أجير و ما غربت الشمس فإن كنت محبا رأيت ذلك قليلا في جنب رضى حبيبك عنك .
وما كلامنا مع الثالث ! !