ولا عليه فلا ينبغي أن يرجي عليه ثواب ثم إن الإنسان عند الشركة أبدا في خطر فإنه لا يدري أي الأمرين أغلب على قصده فربما يكون عليه وبالا ولذلك قال تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا أي لا يرجي اللقاء مع الشركة التى أحسن أحوالها التساقط ويجوز أن يقال أيضا منصب الشهادة لا ينال إلا بالإخلاص في الغزو .
وبعيد أن يقال من كانت له داعيته الدينية بحيث تزعجه إلى مجرد الغزو وإن لم يكن غنيمة وقدر على غزو طائفتين من الكفار إحداهما غنية والأخرى فقيرة فمال إلى جهة الأغنياء لإعلاء كلمة الله وللغنيمة لاثواب له على غزوه البتة ونعوذ بالله أن يكون الأمر كذلك فإن هذا حرج في الدين ومدخل لليأس على المسلمين لأن أمثال هذه الشوائب التابعة قط لا ينفك الإنسان عنها إلا على الندور فيكون تأثير هذا في نقصان الثواب فأما أن يكون في إحباطه فلا نعم الإنسان فيه على خطر عظيم لأنه ربما يظن أن الباعث الأقوى هو قصد التقرب إلى الله ويكون الأغلب على سره الحظ النفسي وذلك مما يخفى غاية الخفاء .
فلا يحصل الأجر إلا بالإخلاص والإخلاص قلما يستيقنه العبد من نفسه وإن بالغ في الاحتياط فلذلك ينبغى أن يكون أبدا بعد كمال الاجتهاد مترددا بين الرد والقبول خائفا أن تكون في عبادته آفة يكون وبالها أكثر من ثوابها .
وهكذا كان الخائفون من ذوى البصائر وهكذا ينبغى أن يكون كل ذي بصيرة ولذلك قال سفيان C لا أعتد بما ظهر من عملى .
وقال عبد العزيز بن أبي رواد جاورت هذا البيت ستين سنة وحججت ستين حجة فما دخلت في شىء من أعمال الله تعالى إلا وحاسبت نفسي فوجدت نصيب الشيطان أوفى من نصيب الله ليته لا لي ولا علي .
ومع هذا فلا ينبغي أن يترك العمل عند خوف الآفة والرياء فإن ذلك منتهى بغية الشيطان منه إذ المقصود أن لا يفوت الإخلاص .
ومهما ترك العمل فقد ضيع العمل والإخلاص جميعا .
وقد حكى أن بعض الفقراء كان يخدم أبا سعيد الخراز وكيف في أعماله فتكلم أبو سعيد في الإخلاص يوما يريد إخلاص الحركات فأخذ الفقير يتفقد قلبه عند كل حركة ويطالبه بالإخلاص فتعذر عليه قضاء الحوائج واستضر الشيخ بذلك فسأله عن أمره فأخبره بمطالبته نفسه بحقيقة الإخلاص وأنه يعجز عنها في أكثر أعماله فيتركها فقال أبو سعيد لا تفعل إذ الإخلاص لا يقطع المعاملة فواظب على العمل واجتهد في تحصيل الإخلاص فما قلت لك اترك العمل وإنما قلت لك أخلص العمل وقد قال الفضيل ترك العمل بسبب الخلق رياء وفعله لأجل الخلق شرك .
الباب الثالث في الصدق وفضيلته وحقيقته .
فضيلة الصدق .
قال الله تعالى رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وقال النبي Aإن الصدق يهدى إلى البر والبر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا // حديث ان الصدق يهدي الى البر الحديث متفق عليه من حديث ابن مسعود وقد تقدم // ويكفي في فضيلة الصدق أن الصديق مشتق منه والله تعالى وصف الأنبياء به في معرض المدح والثناء فقال واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا وقال