اتساع أقطارها ولا ينكشف في نور السراج إلا زواية ضيقه من البيت فكذلك تفاوت انشراح الصدر بالمعارف وانكشاف سعة الملكوت لقلوب العارفين ولذلك جاء في الخبر أنه يقال يوم القيامة أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ونصف مثقال وربع مثقال وشعيرة وذرة // حديث يقال يوم القيامة أخرجوا من النار من في قلبه ربع مثقال من إيمان الحديث متفق عليه من حديث أبي سعيد وليس فيه قوله ربع مثقال // متفق عليه // كل ذلك تنبيه على تفاوت درجات الإيمان وأن هذه المقادير من الإيمان لا تمنع دخول النار وفي مفهومه أن من إيمانه يزيد على مثقال فإنه لا يدخل النار إذ لو دخل لأمر بإخراجه أولا وأن من في قلبه مثقال ذرة لا يستحق الخلود في النار وإن دخلها وكذلك قوله A ليس شيء خيرا من ألف مثله إلا الإنسان المؤمن // حديث ليس شيء خيرا من ألف مثله إلا الإنسان أو المؤمن أخرجه الطبراني من حديث سلمان بلفظ الإنسان ولأحمد من حديث ابن عمر لا نعلم شيئا خيرا من مائة مثله إلا الرجل المؤمن وإسنادهما حسن // إسناده حسن // إشارة إلى تفضيل قلب العارف بالله تعالى الموقن فإنه خير من ألف قلب من العوام وقد قال تعالى وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين تفضيلا للمؤمنين على المسلمين والمراد به المؤمن العارف دون المقلد وقال D يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات فأراد ههنا بالذين آمنوا الذين صدقوا من غير علم وميزهم عن الذين أوتوا العلم .
ويدل ذلك على أن اسم المؤمن يقع على المقلد وإن لم يكن تصديقه عن بصيرة وكشف .
وفسر ابن عباس Bهما قوله تعالى والذين أوتوا العلم درجات فقال يرفع الله العالم فوق المؤمن بسبعمائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض وقال A أكثر أهل الجنة البله وعليون لذوي الألباب // حديث أكثر أهل الجنة البله وعليون لذوي الألباب تقدم دون هذه لزيادة ولم أجد لهذه الزيادة أصلا وقال A فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل من أصحابي // حديث فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل من أصحابي أخرجه الترمذي من حديث أبي أمامة وصححه وقد تقدم في العلم وكذلك الرواية الثانية // أخرجه الترمذي // وفي رواية كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب فبهذه الشواهد يتضح لك تفاوت درجات أهل الجنة بحسب تفاوت قلوبهم ومعارفهم ولهذا كان يوم القيامة يوم التغابن إذ المحروم من رحمة الله عظيم الغبن والخسران والمحروم يرى فوق درجته درجات عظيمة فيكون نظره إليها كنظر الغني الذي يملك عشرة دراهم إلى الغني الذي يملك الأرض من المشرق إلى المغرب وكل واحد منهما غني ولكن ما أعظم الفرق بينهما وما أعظم الغبن على من يخسر حظه من ذلك وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا .
بيان شواهد الشرع على صحة طريق أهل التصوف في اكتساب المعرفة لا من .
التعلم ولا من الطريق المعتاد .
أعلم أن من انكشف له شيء ولو الشيء اليسير بطريق الإلهام والوقوع في القلب من حيث لا يدري فقد صار عارفا بصحة الطريق ومن لم يدرك ذلك من نفسه قط فينبغي أن يؤمن به فإن درجة المعرفة فيه عزيزة جدا ويشهد لذلك شواهد الشرع والتجارب والحكايات .
أما الشواهد فقوله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فكل حكمة تظهر من القلب بالمواظبة على العبادة من غير تعلم فهو بطريق الكشف والإلهام وقال A من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم ووفقه فيما يعمل حتى يستوجب الجنة ومن لم يعمل بما يعلم تاه فيما يعلم ولم يوفق فيما يعمل حتى يستوجب النار // حديث من عمل بما علم الحديث تقدم في العلم دون قوله ووفقه فيما يعمل فلم أرها وقال الله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا من الإشكالات والشبه ويرزقه من حيث لا يحتسب يعلمه