أخاه فليقل أحسب فلانا ولا أزكي على الله أحد حسيبه الله إن كان يرى أنه كذلك // حديث إن رجلا مدح رجلا عند رسول الله A فقال ويحك قطعت عنق صاحبك متفق عليه من حديث أبي بكرة بنحوه وهو في الصمت لابن أبي الدنيا بلفظ المصنف // وهذه الآفة تتطرق إلى المدح بالأوصاف المطلقة التي تعرف بالأدلة كقوله إنه متق وورع وزاهد وخير وما يجري مجراه فأما إذا قال رأيته يصلي بالليل ويتصدق ويحج فهذه أمور مستيقنة ومن ذلك قوله إنه عدل رضا فإن ذلك خفي فلا ينبغي أن يجزم القول فيه إلا بعد خبرة باطنه سمع عمر Bه رجلا يثني على رجل فقال أسافرت معه قال لا قال أخالطته في المبايعة والمعاملة قال لا قال فأنت جاره صباحه ومساءه قال لا فقال والله الذي لا إله إلا هو لا أراك تعرفه .
الرابعة أنه قد يفرح الممدوح وهو ظالم أو فاسق وذلك غير جائز قال رسول الله A إن الله تعالى يغضب إذا مدح الفاسق // حديث إن الله يغضب إذا مدح الفاسق أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت والبيهقي في الشعب من حديث أنس وفيه أبو خلف خادم أنس ضعيف ورواه أبو يعلى الموصلي وابن عدي بلفظ إذا مدح الفاسق غضب الرب واهتز العرش قال الذهبي في الميزان منكر وقد تقدم في آداب الكسب // وقال الحسن من دعا لظالم بطول البقاء فقد أحب أن يعصي الله تعالى في أرضه والظالم الفاسق ينبغي أن يذم ليغتم ولا يمدح ليفرح .
وأما الممدوح فيضره من وجهين .
أحدهما أنه يحدث فيه كبرا وإعجابا وهما مهلكان .
قال الحسن Bه كان عمر Bه جالسا ومعه الدرة والناس حوله إذ أقبل الجارود بن المنذر فقال رجل هذا سيد ربيعة فسمعها عمر ومن حوله وسمعها الجارود فلما دنا منه خفقه بالدرة فقال مالي ولك يا أمير المؤمنين قال مالي ولك أما سمعتها قال سمعتها فمه قال خشيت أن يخالط قلبك منها شيء فأحببت أن أطأطيء منك .
الثاني هو أنه إذا أثنى عليه بالخير فرح به وفتر ورضي عن نفسه ومن أعجب بنفسه قل تشمره وإنما يتشمر للعمل من يرى نفسه مقصرا فأما إذا انطلقت الألسن بالثناء عليه ظن أنه قد أدرك ولهذا قال عليه السلام قطعت عنق صاحبك لو سمعها ما أفلح وقال A إذا مدحت أخاك في وجهه فكأنما أمررت على حلقه موسى وميضا // حديث إذا مدحت أخاك في وجهه فكأنما أمررت على حلقه موسى وميضا أخرجه ابن المبارك في الزهد والرقائق من رواية يحيى بن جابر مرسلا // .
وقال أيضا لمن مدح رجلا عقرت الرجل عقرك الله // حديث عقرت الرجل عقرك الله قاله لمن مدح رجلا لم أجد له أصلا // وقال مطرف ما سمعت قط ثناء ولا مدحة إلا تصاغرت إلى نفسي وقال زياد بن أبي مسلم ليس أحد يسمع ثناء عليه أو مدحة إلا تراءى له الشيطان ولكن المؤمن يراجع فقال ابن المبارك لقد صدق كلاهما أما ما ذكره زياد فذلك قلب العوام وأما ما ذكره مطرف فذلك قلب الخواص وقال A لو مشى رجل إلى رجل بسكين مرهف كان خيرا له من أن يثني عليه في وجهه // حديث لو مشى رجل إلى رجل بسكين مرهف كان خيرا له من أن يثني عليه في وجهه لم أجده أيضا وقال عمر Bه المدح هو الذبح وذلك لأن المذبوح هو الذي يفتر عن العمل والمدح يوجب الفتور أو لأن المدح يورث العجب والكبر وهما مهلكان كالذبح لذلك شبهه به فإن سلم المدح من هذه الآفات في حق المادح والممدوح لم يكن به بأس بل ربما كان مندوبا إليه ولذلك أثنى رسول الله A على الصحابة فقال لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان العالم لرجح // حديث لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان العالمين لرجح تقدم في العلم وقال في عمر لو لم أبعث لبعثت