المجلس الثالث في قدوم الحاج .
في الصحيحين [ عن أبي هريرة Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من حج هذا البيت و لم يرفث و لم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ] مباني الإسلام الخمس كل واحد منها يكفر الذنوب و الخطايا و يهدمها و لا إله إلا الله لا تبقي ذنبا و لا يسبقها عمل و الصلوات الخمس و الجمعة إلى الجمعة و رمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر و الصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار و الحج الذي لا رفث فيه و لا فسوق يرجع صاحبه من ذنوبه كيوم ولدته أمه وقد استنبط معنى هذا الحديث من القرآن طائفة من العلماء و تأولوا قول الله تعالى : { فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه و من تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى } بأن من قضى نسكه و رجع منه فإن آثامه تسقط عنه إذا اتقى الله عز و جل في أداء نسكه و سواء نفر في اليوم الأول من يومي النفر متعجلا أو متأخرا إلى اليوم الثاني و في مسند أبي يعلى الموصلي عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ من قضى نسكه و سلم المسلمون من لسانه و يده غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر ] و في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ] و في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه و سلم قال : [ الحج يهدم ما قبله ] .
فالحج المبرور : يكفر السيئات و يوجب دخول الجنات و قد روي أنه صلى الله عليه و سلم سئل عن بر الحج ؟ فقال : [ إطعام الطعام و طيب الكلام ] فالحج المبرور ما اجتمع فيه أعمال البر مع اجتناب أعمال الإثم فما دعا الحاج لنفسه و لا دعا له غيره بأحسن من الدعاء بأن يكون حجه مبرورا و لهذا يشرع للحاج إذا فرغ من أعمال حجه و شرع في التحلل من إحرامه برمي جمرة العقبة يوم النحر أن يقول : اللهم اجعله حجا مبرورا و سعيا مشكورا و ذنبا مغفورا و روي ذلك عن ابن مسعود و ابن عمر من قولهما و روي عنهما مرفوعا و كذلك يدعى للقادم من الحج بأن يجعل الله حجه مبرورا و في الأثر : أن آدم عليه السلام لما حج البيت و قضى نسكه أتته الملائكة فقالوا له : يا آدم بر حجك لقد حججنا هذا البيت بألفي عام و كذلك كان السلف يدعون لمن رجع من حجه لما حج خالد الحذاء و رجع قال له أبو قلابة : بر العمل معناه جعل الله عملك مبرورا