فى رمضان من هذه السنة مطعونا وكان سبب ذلك أنه كتب إلى معاوية يقول له إنى قد ضبطت لك العراق بشمالى ويمينى فارغة فارع لى ذلك وهو يعرض له أن يستنيبه على بلاد الحجاز ايضا فلما بلغ أهل الحجاز جاءوا إلى عبد الله بن عمر فشكوا إليه ذلك وخافوا أن يلى عليهم زياد فيعسفهم كما عسف أهل العراق فقام ابن عمر فاستقبل القبلة فدعا على زياد والناس يؤمنون فطعن زياد بالعراق فى يده فضاق ذرعا بذلك واستشار شريحا القاضى فى قطع يده فقال له شريح إنى لا أرى ذلك فانه إن لم يكن فى الأجل فسحة لقيت الله أجذم قد قطعت يدك خوفا من لقائه وإن كان لك أجل بقيت فى الناس اجذم فيعير ولدك بذلك فصرفه عن ذلك فلما خرج شريح من عنده عاتبه بعض الناس وقالوا هلا تركته فقطع يده فقال قال رسول الله ص المستشار مؤتمن ويقال إن زيادا جعل يقول أأنام أنا والطاعون فى فراش واحد فعزم على قطع يده فلما جىء بالمكاوى والحديد خاف من ذلك فترك ذلك وذكر أنه جمع مائة وخمسين طبيبا ليداووه مما يجد من الحر فى باطنه منهم ثلاثة ممن كان يطب كسرى بن هرمز فعجزوا عن رد القدر المحتوم والأمر المحموم فمات فى ثالث شهر رمضان فى هذه السنة وقد قام فى إمرة العراق خمس سنين ودفن بالثوبة خارج الكوفة وقد كان برز منها قاصدا إلى الحجاز أميرا عليها فلما بلغ خبر موته عبد الله بن عمر قال اذهب إليك يا ابن سمية فلا الدنيا بقيت لك ولا الآخرة أدركت قال أبو بكر بن أبى الدنيا حدثنى أبي يمن هشام بن محمد حدثنى يحيى بن ثعلبة أبو المقدم الأنصارى عن امه عن عائشة عن أبيها عبد الرحمن بن السائب الأنصارى قال جمع زياد أهل الكوفة فملأ منهم المسجد والرحبة والقصر ليعرض عليهم البراءة من على بن أبى طالب قال عبد الرحمن فانى لمع نفر من أصحابى من الأنصار والناس فى أمر عظيم من ذلك وفى حصر قال فهومت تهويمة أى نعست نعسة فرأيت شيئا أقبل طويل العنق له عنق مثل عنق البعير أهدب أهدل فقلت ما أنت فقال أنا النقاد ذو الرقبة بعثت إلى صاحب هذا القصر فاستيقظت فزعا فقلت لأصحابى هل رأيتم ما رأيت قالوا لا فأخبرتهم وخرج علينا خارج من القصر فقال إن الأمير يقول لكم انصرفوا عنى فانى عنكم مشغول وإذا الطاعون قد أصابه وروى ابن أبى الدنيا ان زيادا لما ولى الكوفة سأل عن أعبدها فدل على رجل يقال له أبو المغيرة الحميرى فجاء به فقال له الزم بيتك ولا تخرج منه وأنا أعطيك من المال ما شئت فقال لو أعطيتنى ملك الأرض ما تركت خروجى لصلاة الجماعة فقال الزم الجماعة ولا تتكلم بشىء فقال لا أستطيع ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فأمر به فضربت عنقه ولما احتضر قال له ابنه يا أبة قد هيأت لك ستين ثوبا أكفنك فيها فقال يا بنى قد دنا من ابيك أمر إما لباس خير من لباسه وإما سلب سريع وهذا غريب جدا