ثم أمر جواريه المغنيات فغنينه بالعيدان من قول حسان يمدح بنى عمه من غسان والشعر فى والدجبلة هذا الحيوان ... لله در عصابة نادمتهم ... يوما بحلق فى الزمان الأول ... أولاد جفنة حول قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل ... يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى يصفق بالرحيق السلسل ... بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شم الأنوف من الطراز الأول ... يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل ... .
قال فأعجبه قولهن ذلك ثم قال هذا شعر حسان بن ثابت الأنصارى فينا وفى ملكنا ثم قال لى كيف حاله قلت تركته ضريرا شيخا كبيرا ثم قال لهن أطربننى فاندفعن يغنين لحسان أيضا .
... لمن الديار اوحشت بمغان ... بين أعلا اليرموك فالصمان ... فالقريات من بلامس فداريا ... فسكاء لقصور الدوائى ... فقفا جاسم فأودية الصفر ... مغنى قبائل وهجان ... تلك دار العزيز بعد أنيس ... وحلوك عظيمة الأركان ... صلوات المسيح فى ذلك الدير ... دعاء القسيس والرهبان ... ذاك مغنى لآل جفنة فى الدهر ... محاه تعاقب الأزمان ... قد أرانى هناك حق مكين ... عند ذى التاج مجلسى ومكانى ... ثكلت أمهم وقد ثكلتهم ... يوم حلوا بحارث الحولانى ... وقددنا الفصح فالولائد ينظمن ... سراعا أكلة المرجان ... ثم قال هذا لابن الفريعة حسان بن ثابت فينا وفى ملكنا وفى منازلنا بأكناف غوطة دمشق قال ثم سكت طويلا ثم قال لهن بكيننى فوضعن عيدانهن ونكسن رؤوسهن وقلن ... تنصرت الأشراف من عار لطمة ... وما كان فيها لو صبرت لها ضرر ... تكنفنى فيها اللجاج ونخوة ... وبعت بها العين الصحيحة بالعوز ... فياليت أمى لم تلدنى وليتنى ... رجعت إلى القول الذى قاله عمر ... وياليتنى أرعى المخاض بقفرة ... وكنت أسيرا في ربيعة أو مضر ... ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة ... أجالس قومى ذاهب السمع والبصر ... أدين بما دانوا به من شريعة ... وقد يصبر العود الكبير على الدبر ... قال فوضع يده على وجهه فبكى حتى بل لحيته بجموعه وبكيت معه ثم استدعى بخمسمائة دينار