أولئك الذين قتلوه من آفة وعاهة فى الدنيا فلم يخرج منها حتى أصيب بمرض وأكثرهم أصابهم الجنون وللشيعة والرافضة فى صفة مصرع الحسين كذب كثير وأخبار باطلة وفيما ذكرنا كفاية وفى بعض ما أوردناه نظر ولولا أن ابن جرير وغيره من الحفاظ والأئمة ذكروه ما سقته وأكثره من رواية أبى مخنف لوط بن يحيى وقد كان شيعيا وهو ضعيف الحديث عند الأئمة ولكنه أخبارى حافظ عنده من هذه الأشياء ما ليس عند غيره ولهذا يترامى عليه كثير من المصنفين فى هذا الشأن ممن بعده والله أعلم .
وقد أسرف الرافضة فى دولة بنى بويه فى حدود الأربعمائة وما حولها فكانت الدبادب تضرب ببغداد ونحوها من البلاد فى يوم عاشوراء ويذر الرماد والتبن فى الطرقات والأسواق وتعلق المسوح على الدكاكين ويظهر الناس الحزن والبكاء وكثير منهم لا يشرب الماء ليلتئذ موافقة للحسين لانه قتل عطشانا ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن حافيات فى الاسواق إلى غير ذلك من البدع الشنيعة والأهواء الفظيعة والهتائك المخترعة وإنما يريدون بهذا وأشباهه أن يشنعوا على دولة بنى أمية لانه قتل فى دولتهم .
وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام فكانوا إلى يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم ويتخذون ذلك اليوم عيدا يصنعون فيه أنواع الأطعمة ويظهرون السرور والفرح يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم .
وقد تأول عليه من قتله أنه جاء ليفرق كلمة المسلمين بعد اجتماعها وليخلع من بايعه من الناس واجتمعوا عليه وقد ورد فى صحيح مسلم الحديث بالزجر عن ذلك والتحذير منه والتوعد عليه وبتقدير أن تكون طائفة من الجهلة قد تأولوا عليه وقتلوه ولم يكن لهم قتله بل كان يجب عليهم إجابته إلى ما سأل من تلك الخصال الثلاثة المتقدم ذكرها فاذا ذمت طائفة من الجبارين تذم الأمة كلها بكمالها وتتهم على نبيها ص فليس الأمر كما ذهبوا إليه ولا كما سلكوه بل أكثر الأئمة قديما وحديثا كاره ما وقع من قتله وقتل أصحابه سوى شرذمة قليلة من أهل الكوفة قبحهم الله وأكثرهم كانوا قد كاتبوه ليتوصلوا به إلى أغراضهم ومقاصدهم الفاسدة .
فلما علم ذلك ابن زياد منهم بلغهم ما يريدون من الدنيا وآخذهم على ذلك وحملهم عليه بالرغبة والرهبة فانكفوا عن الحسين وخذلوه ثم قتلوه وليس كل ذلك الجيش كان راضيا كما وقع من قتله بل ولا يزيد بن معاوية رضى بذلك والله أعلم ولا كرهه والذى يكاد يغلب على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن يقتل لعفا عنه كما أوصاه بذلك أبوه وكما صرح هو به مخبرا عن