ونصبوا عليها المجانيق ورموها بالنفط فأحرقوا منها طائفة وهلك بشر كثير من أهلها وفتحوها عنوة وأرادوا الأنصراف فلم يمكنهم ذلك لاعتلاء البحر فأقاموا هنالك فأصابهم داء في أفواههم يقال له حمام قر فمات منهم ألف نفس منهم الربيع بن صبيح فلما أمكنهم المسير ركبوا في البحر فهاجت عليهم ريح فغرق طائفة أيضا ووصل بقيتهم إلى البصرة ومعهم سبي كثير فيهم بنت ملكهم وفيها حكم المهدي بإلحاق ولد أبي بكر الثقفي إلى ولاء رسول الله A وقطع نسبهم من ثقيف وكتب بذلك كتاباإلى والي البصرة وقطع نسبه من زياد ومن نسب نافع ففي ذلك يقول بعض الشعراء وهو خالد النجار .
... إن زياد ونافعا وأبا ... بكره عندي من أعجب العجب ... ذا قرشي كما يقول وذا ... مولى وهذا بزعمه عربي ... .
وقد ذكر إبن جرير أن نائب البصرة لم ينفذ ذلك .
وفي هذه السنة حج بالناس المهدي واستخلف على بغداد ابنه موسى الهادي واستصحب معه ابنه هارون الرشيد وخلقا من الأمراء منهم يعقوب بن داود على منزلته ومكانته وكان الحسن ابن إبراهيم قد هرب من الخادم فلحق بأرض الحجاز فاستأمن له يعقوب بن داود فأحسن المهدي صلته وأجزل جائزته وفرق المهدي في أهل مكة مالا كثيرا جدا كان قد قدم معه بثلاثين ألف ألف درهم ومائة الف ثوب وجاء من مصر ثلثمائة ألف دينار ومن اليمن مائتا الف دينار فأعطاها كلها في أهل مكة والمدينة وشكت الحجبة الى المهدي أنهم يخافون على الكعبة أن تنهدم من كثرة ما عليها من الكساوى فأمر بتجريدها فلما انتهوا إلى كساوي هشام بن عبدالملك وجدها من ديباج ثخين فأمر بإزالتها وبقيت كساوى الخلفاء قبله وبعده فلما جردها طلاها بالخلوف وكساها كسوة حسنة جدا ويقال إنه استفتى مالكا في إعادة الكعبة إلى ما كانت عليه من بناية ابن الزبير فقال مالك دعها فإني أخشى أن يتخذها الملوك ملعبة فتركها على ماهي .
وحمل له محمد بم سليمان نائب البصرة الثلج إلى مكة وكان أول خليفة حمل إليه الثلج اليها زاده معاوية بن أبي سفيان فقال له مالك إنه يخشى أن ينكسر خشبه العتيق إذا زعزع فتركه وتزوج من المدينة رقية بنت عمرو العثمانية وأنتخب من أهلها خمسمائة من أعيانها ليكونوا حوله حرسا بالعراق وأنصارا وأجرى عليهم أرزاقا غير أعطياتهم وأقطعهم أقطاعا معروفة بهم .
وفيها توفي الربيع بن صبيح وسفيان بن حسين أحد أصحاب الزهري وشعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الازدي أبو بسطام ثم انتقلا إلى البصرة رأى شعبة الحسن وابن سيرين