ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائتين فيها خرج رجل من أهل الثغور بالشام يقال له أبو حرب المبرقع اليماني فخلع الطاعة ودعا إلى نفسه وكان سبب خروجه أن رجلا من الجند أراد أن ينزل في منزله عند امرأته في غيبته فمانعته المرأة فضربها الجندي في يدها فأثرت الضربة في معصمها فلما جاء بعلها أبو حرب أخبرته فذهب إلى الجندي وهو غافل فقتله ثم تحصن في رؤس الجبال وهو مبرقع فاذا جاء أحد دعاه إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويذم من السلطان فاتبعه على ذلك خلق كثير من الحراثين وغيرهم وقالوا هذا هو السفياني المذكور أنه يملك الشام فاستفحل أمره جدا واتبعه نحو من مائة ألف مقاتل فبعث إليه المعتصم وهو في مرض موته جيشا نحوا من مائة ألف مقاتل فلما قدم أمير المعتصم بمن معه وجدهم أمة كثيرة وطائفة كبيرة وقد اجتمعوا حول أبي حرب فخشى أن يواقعه والحالة هذه فانتظر إلى أيام حرث الأراضي فتفرق عنه الناس إلى أراضيم وبقي في شرذمة قليلة فناهضه فأسره وتفرق عنه أصحابه وحملة أمير السرية وهو رجاء بن أيوب حتى قدم به على المعتصم فلامه المعتصم في تأخره عن مناجزته أول ما قدم الشام فقال كان معه مائة ألف أو يزيدون فلم أزل أطاوله حتى أمكن الله منه فشكره على ذلك .
وفيها في يوم الخميس الثامن من ربيع الأول من هذه السنة كانت وفاة أبي إسحاق محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور .
وهذه ترجمته .
هو أمير المؤمنين أبو إسحاق محمد المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور العباسي يقال له المثمن لأنه ثامن ولد العباس وأنه ثامن الخلفاء من ذريته ومنها أنه فتح ثمان فتوحات ومنها أنه أقام في الخلافة ثماني سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام وقيل ويومين وأنه ولد سنة ثمانين ومائة في شعبان وهو الشهر الثامن من السنة وأنه توفي وله من العمر ثمانية وأربعون سنة ومها أنه خلف ثمانية بنين وثماني بنات ومنها أنه دخل بغداد من الشام في مستهل رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين بعد استكمال ثمانية أشهر من السنة بعد موت أخيه المأمون قالوا وكان أميا لا يحسن الكتابة وكان سبب ذلك أنه كا يتردد معه إلى الكتاب غلام فمات الغلام فقال له أبوه الرشيد ما فعل غلامك قال مات فاستراح من الكتاب فقال الرشيد وقد بلغ منك كراهه الكتاب إلى أن تجعل الموت راحة منه والله يا بنى لا تذهب بعد اليوم إلى الكتاب فتركوه فكان أميا وقيل بل كان يكتب كتابة ضعيفة وقد أسند الخطيب من طريقة عن آبائه حديثين منكرين أحدهما في ذم بني أمية ومدح بنى العباس من الخلفاء والثاني في النهي عن الحجامة يوم الخميس وذكر بسنده