موسى بن ارشناس ثلاثة آلاف مددا لأخيه أبي أحمد فوصلوا لليلة بقيت من ربيع الأول فوقفوا في الجانب الغربي عند باب قطربل وأبو أحمد وأصحابه على باب الشماسية والحرب مستعرة والقتال كثير جدا والقتل واقع قال ابن جرير وذكر أن المعتز كتب إلى أخيه أبي أحمد يلومه على التقصير في قتال أهل بغداد فكتب إليه أبو أحمد ... لأمر المنايا علينا طريق ... للدهر فينا اتساع وضيق ... وأيامنا عبر للأنام ... فمنها البكور ومنها الطروق ... ومنها هنات تشيب الوليد ... ويخذل فيها الصديق الصديق ... وسور عريض له ذروة ... تفوت العيون وبحر عميق ... قتال مبيد وسيف عتيد ... وخوف شديد وحصن وثيق ... فهذا طريح وهذا جريح ... وهذا حريق وهذا غريق ... وهذا قتيل وهذا تليل ... وآخر يشدخه المنجيق ... هناك اغتصاب وثم انتهاب ... ودور خراب وكانت تروق ... إذا ما سمونا إلى مسلك ... وجدناه قد سدعنا الطريق ... فبالله نبلغ ما نرتجيه ... وبالله ندفع ما نطيق ... قال ابن جرير هذا الشعر ينشد لعلي بن أمية في فتنة المخلوع والمأمون وقد استمرت الفتنة والقتال ببغداد بين أبي أحمد أخي المعتز وبين محمد بن عبدالله بن طاهر نائب المستعين والبلد محصور وأهله في ضيق شديد جدا بقية شهور هذه السنة وقتل من الفريقين خلق كثير في وقعات متعددات وأيام نحسات فتارة يظهر أصحاب أبي أحمد ويأخذون بعض الأبواب فتحمل عليهم الطاهرية فيزيحونهم عنها ويقتلون منهم خلقا ثم يتراجعون إلى مواقفهم ويصابرونهم مصابرة عظيمة لكن أهل بغداد كلما هم إلى ضعف بسبب قلة الميرة والجلب إلى داخل البلد ثم شاع بين العامة أن محمد بن عبدالله بن طاهر يريد أن يخلع المستعين ويبايع للمعتز وذلك في أواخر السنة فتنصل من ذلك واعتذر إلى الخليفة وإلى العامة وحلف بالأيمان الغليظة فلم تبرأ ساحته من ذلك حق البراءة عند العامة واجتمعت العامة والغوغاء إلى دار ابن طاهر والخليفة نازل بها فسألوا أن يبرز لهم الخليفة ليروه ويسألوه عن ابن طاهر أهو راض عنه أم لا وما زالت الضجة والأصوات مرتفعة حتى برز لهم الخليفة من فوق المكان الذي هم فيه وعليه السواد ومن فوقه البردة النبوية وبيده القضيب وقال لهم فيما خاطبهم به أقسمت عليكم بحق صاحب هذه البردة والقضيب لما رجعتم إلى منازلكم