قضاء حلب في هذا اشهر تاج الدين يحيى بن محمد بن إسماعيل الكردي وجلس الملك المنصور في دار العدل في هذا الشهر فحكم وانصف المظلوم من الظالم وقدم عليه صاحب حماة فتلقاه المنصور بنفسه في موكبه ونزل بداره بباب الفراديس وفي ربيع الاول وقوع الصلح بين الملك المنصور قلاوون وبين سنقر الاشقر الملك الكامل على أن يسلم للسلطان شيزر ويعوضه عنها بانطاكية وكفر طاب وشفر بكاس وغير ذلك وعلى أن يقيم على ما بيده ستمائة فارس وتحالفا على ذلك ودقت البشائر لذلك وكذلك تصالح صاحب الكرك والملك المنصور خضر بن الظاهر على تقرير ما بيده ونودي بذلك في البلاد وفي العشر الاول من هذا الشهر ضمن الخمر والزنا بدمشق وجعل عليه ديوان ومشد فقام في إبطال ذلك جماعة من العلماء والصلحاء والعباد فأبطل بعد عشرين يوما واريقت الخمور وأقيمت الحدود ولله الحمد والمنة وفي تاسع عشر ربيع الاول وصلت الخاتون بكرة خان زوجة الملك الظاهر ومعها ولدها السعيد قد نقلته من قرية المساجد بالقرب من الكرك لتدفنه عند أبيه بالتربة الظاهرية فرفع بحبال من السور ودفن عند والده الظاهر ونزلت أمه بدار صاحب حمص وهيئت لها الاقامات وعمل عزاء ولدها يوم الحادي والعشرين من ربيع الاخر بالتربة المذكورة وحضر السلطان المنصور وأرباب الدولة والقراء والوعاظ .
وفي أواخر ربيع الاخر عزل التقي بن توبة التكريتي من الوزارة بدمشق وباشرها بعده تاج الدين السهنوري وكتب السلطان المنصور إلى مصر وغيرها من البلاد يستدعي الجيوش لأجل اقتراب مجيء التتار فدخل أحمد بن حجي ومعه بشر كثير من الاعراب وجاء صاحب الكرك الملك المسعود نجدة للسلطان يوم السبت الثاني عشر من جمادى الاخرة وقدم الناس عليه ووفدوا إليه من كل مكان وجاءته التركمان والاعراب وغيرهم وكثرت الاراجيف بدمشق وكثرت العساكر بها وجفل الناس من بلاد حلب وتلك لنواحي وتركوا الغلات والاموال خوفا من أن يدهمهم العدو من التتار ووصلت التتر صحبة منكوتمر بن هولاكو إلى عنتاب وسارت العساكر المنصورة إلى نواحي حلب يتبع بعضها بعضا ونازلت التتار بالرحبة في أواخر جمادى الاخرة جماعة من الاعراب وكان فيهم ملك التتار إبغا مختفيا ينظر ماذا يفعل أصحابه وكيف يقاتلون اعداءه ثم خرج المنصور من دمشق وكان خروجه منها في أواخر جمادى وقنت الخطباء والائمة بالجوامع والمساجد في الصلوات وغيرها وجاء مرسوم من السلطان باستسلام أهل الذمة من الدواوين والكتبة ومن لا يسلم يصلب فأسلموا كرها وكانوا يقولون آمنا وحكم الحاكم باسلامنا بعد أن عرض من امتنع منهم على الصلب بسوق الخيل وجعلت الحبال في أعناقهم فأجابوا والحالة هذه ولما انتهى الملك المنصور إلى حمص