البلد وأوقدت الشموع وفرح الناس فلما أصبح الناس يوم السبت أقبلت طائفة من المنهزمين منهم بيليك الناصري والحالق وغيرهم فأخبروا الناس بما شاهدوه من الهزيمة في أول الامر ولم يكونوا شاهدوا بعد ذلك فبقى الناس في قلق عظيم وخوف شديدوتهيأ ناس كثير للهرب فبينما الناس في ذلك إذ اقبلت البريدية فأخبروا الناس بصورة ما وقع في أول الامر وآخره فتراجع الناس وفرحوا فرحا شديدا ولله الحمد والمنة .
ثم دخل السلطان إلى دمشق الثاني والعشرين من رجب وبين يديه الاسارى بأيديهم الرماح عليها شقف رؤس القتلى وكان يوما مشهودا ومع السلطان طائفة من أصحاب سنقر الاشقر منهم علم الدين الدويداري فنزل السلطان بالقلعة مؤيدا منصورا وقد كثرت له المحبة والادعية وكان سنقر الاشقر ودع السلطان من حمص ورجع إلى صهيون وأما التتر فإنهم انهزموا في أسوا حال وأتعسه يتخطفون من كل جانب ويتقلون من كل فج حتى وصلوا إلى الفرات فغرق أكثرهم ونزل إليهم أهل البيرة فقتلوا منهم خلقا كثيرا وأسروا آخرين والجيوش في آثارهم يطردونهم عن البلاد حتى أراح الله منهم الناس .
وقد استشهد في هذه الوقعة جماعة من سادات الامراء منهم الامير الكبير الحاج عز الدين ازدمر جمدار وهو الذي جرح ملك التتار يومئذ منكوتمر فإنه خاطر بنفسه وأوهم أنه مقفز إليه وقلب رمحه حتى وصل إليه فطعنه فجرحه فقتلوه C ودفن بالقرب من مشهد خالد .
وخرج السلطان من دمشق قاصدا الديار المصرية يوم الاحد ثاني شعبان والناس يدعون له وخرج معه علم الدين الدويداري ثم عاد من غزة وقد ولاه المشد في الشام والنظر في المصالح ودخل السلطان إلى مصر في ثاني عشر شعبان وفي سلخ شعبان ولي قضاء مصر والقاهرة للقاضي وجيه الدين البهنسي الشافعي وفي يوم الاحد سابع رمضان فتحت المدرسة الجوهرية بدمشق في حياة منشئها وواقفها الشيخ نجم الدين محمد بن عباس بن أبي المكارم التميمي الجوهري ودرس بها قاضي الحنفية حسام الدين الرازي وفي بكرة يوم السبت التاسع والعشرين من شعبان وقعت مأذنة مدرسة أبي عمر بقاسيون على المسجد العتيق فمات شخص واحد وسلم الله تعالى بقية الجماعة وفي عاشر رمضان وقع بدمشق ثلج عظيم وبرد كثير مع هواء شديد بحيث إنه ارتفع عن الارض نحوا من ذراع وفسدت الخضراوات وتعطل على الناس معايش كثيرة وفي شوال وصل صاحب سنجار إلى دمشق مقفزا من التتار داخلا في طاعة السلطان بأهله وماله فتلقاه نائب البلد وأكرمه وسيره إلى مصر معززا مكرما .
وفي شوال عقد مجلس بسبب أهل الذمة من الكتاب الذين كانوا قد أسلموا كرها وقد كتب