سوف تبرا ويمرضون وتجفو ... هم فإن عاتبوا فقل ذا بذاكا .
؟ أحمد بن محمد بن ثوابة .
بن خالد الكاتب أبو العباس .
كان من جلة الكتاب وأعيانهم له الرسائل الحسنة والنظم الجيد روى عنه أحمد بن أبي طاهر وأبو عبد الله بن أبي عوف البزوري والمبرد وغيرهم . طلب كاتباً يوقع بين يديه فجيء بفتىً فكتب بين يديه فقال : أرني ما كتبت فأراه فقال : الوجه صبيح والخط ملحي غير أنك تقصر الممدود وهو أقربها وتمد المقصور وهو أبعدها وتصل مقطوعاً وتقطع موصولاً فالق علبنا أو مبردنا ليسكنا ميدك ويقيما أودك وليكن منك عودةٌ إلينا تجد ما ترغب إليه لدينا . فقال الفتى : أو غير هذا أعزك الله قال : هاته إن كان لك حرفاً ووثب فخرج فاستكتبه إبراهيم بن المدبر ووصله وقال : هذا لجوابك لابن ثوابة . قال أبو عبد الله بن أبي عوف البزوري : دخلت على ابن ثوابة وكان محبوساً فقال لي : أتحفظ عني ؟ قلت : نعم فقال : .
عواقب مكروه الأمور خيار ... وأيام شيءٍ لا يدوم قصار .
وليس بباقٍ بؤسها ونعيمها ... إذا كرّ ليلٌ ثم كرّ نهار .
ويقال إن جده يونس كان حجاماً يعرف بلبابة وقيل أمهم اسمها لبابة وأصلهم نصارى وكان أبو العباس من الثقلاء البغضاء وله كلامٌ مدوّنٌ مستهجن مستثقل منه : علي بماء ورد لأغسل فمي من كلام الحاجم ومنه : لما رأى أمير المؤمنين الناس تدرأسوا وتدقلموا وتدبسقوا وتذوزروا تدسفن . وله من المصنفات : كتاب " رسائله المجموعة " . " رسالة في الخط والكتابة " وأخوه جعفر بن محمد بن ثوابة تولى ديوان الرسائل في أيام عبيد الله بن سليمان وله ابن اسمه محمد بن أحمد كان أيضاً مترسلاً بليغاً وله كتاب رسائل وسيأتي ذكره بعدها . ولأبي العباس المذكور صاحب هذه الترجمة رسالة يذم فيها مسلماً ونصرانياً أتياه يعلمانه الهندسة ويذم علم الهندسة وهي تدل على أنها موضوعة عليه أوردها بكمالها ياقوت في كتاب " معجم الأدب " من وقف عليها من الأفاضل علم أنها كلام جاهل . قال رشيق الخادم : كنا في مجلس صاعد فسأل عن رجلٍ فقال أبو الصقر : أنفي يريد نفي فقال ابن ثوابة : في الخراء فسمعها فقال أبو الصقر : كيف نكلم من حقه أن يشد ويحد ؟ فقال ابن ثوابة : وهذا أيضاً من جهلك إن من يحد لا يشد ومن يشد لا يحد ؟ ثم ضرب الدهر ضربانه فرأيت ابن ثوابة قد دخل إلى أبي الصقر بواسط فوقف بين يديه ثم قال : أيها الوزير " لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين " فقال له أبو الصقر " لا تثريب عليكم " يا أبا العباس ثم رفع مجلسه وقلده طساسيج بابل وسورا وبربسما وضاعف وزاد في الدعاء فما زال والياً إلى أن مات في سنة ثلاث وسبعين ومائتين .
قلت : قول ابن ثوابة في الخراء لما قال أبو الصقر لا يصح التندير فيه لأن الأنف بفتح الهمزة وهو في كلام أبي الصقر بضم الهمزة لأنه فعل مغير لما لم يسم فاعله من النفي . قال الصولي : وكان أبو العيناء يعادي ابن ثوابة لمعاداة أبي الصقر فاجتمعا في مجلس بعقب ما اتفق لابن ثوابة مع أبي الصقر في مجلس صاعد فتلاحيا فقال له ابن ثوابة : أما تعرفني ؟ فقال : بلى أعرفك ضيق العطن : كثير الوسن قليل الفطن خاراً على الذقن قد بلغني تعديك على أبي الصقر وإنما حلم عنك لأنه لم ير عزاً فيذله ولا علواً فيضعه ولا مجداً فيهدمه فعاف لحمك أن يأكله وسهك دمك أن يسفكه فقال له : اسكت فما تساب اثنان إلا غلب ألأمهما قال أبو العيناء : لهذا غلبت بالأمس أبا الصقر فأسكته .
ولأحمد بن علي الماردائي الكوكبي الأعور في ابن ثوابة أهاجٍ منها : .
بني ثوابة أنتم أثقل الأمم ... جمعتم ثقل الأوزار والتخم .
أهاض حين أراكم في بشامتكم ... على القلوب وإن لم أوت من بشم .
كم قائلٍ حين غاظته كتابتكم ... لو شئت يا رب ما علمت بالقلم .
ولجماعة فيه أهاجٍ كثيرة وللبحتري فيه هجو فاستصلحه فعاد مدحه .
وكتب ابن ثوابة إلى علي بن طاهر يدعوه يوماً : .
القدر قد هدرت والدن مبزول ... والخيش قد بل والريحان موصول .
وقرة العين قد جاءت ومزهرها ... يصيح في يدها والنار مشعول .
ونحن من طيبها في لذةٍ عجب ... وبيننا مذ أتت عضّ وتقبيل