وكأنّ إحدهنّ من نفح الصبا ... خودٌ تلاعب موهناً أترابها .
لو كنت أملك للرياض صيانةً ... يوماً لما وطئ اللئام ترابها .
ومنه قوله من أبيات : .
خجل الورد حين لاحظه النر ... جس من حسنه وغار البهار .
فعلت ذاك حمرةٌ وعلت ذا ... حيرةٌ واعترى البهار اصفرار .
وغدا الأقحوان يضحك عجباً ... عن ثنايا لثاتهنّ نضار .
ثمّ نمّ النمام واستمع السو ... سن لما أذيعت الأسرار .
عندها أبرز الشقيق خدوداً ... صار فيها من لطمه آثار .
سكتب فوقها دموعٌ من الط ... لّ كما تسكب الدموع الغزار .
فاكتسى ذا البنفسج الغضّ أثوا ... ب حدادٍ إذ خانه الإصطبار .
وأضرّ السقام بالياسمين ال ... غضِّ حتى أذابه الإضرار .
ثم نادى الخيريّ في سائر الزه ... ر فوافاه جحفلٌ جرّار .
فاستجاشوا على محاربة النر ... جس بالخرّم الذي لا يبار .
فأتوا في جواشنٍ سابغاتٍ ... تحت سجفٍ من العجاج يثار .
ثم لما رأيت ذا النرجس الغضّ ... ضعيفاً ما إن لديه انتصار .
لم أزعل أعمل التلطف للور ... د حذاراً أن يغلب النّوّار .
فجمعناهم لدى مجلسٍ تص ... خب فيه الأطيار والأوتار .
لو ترى ذا وذا لقت خدودٌ ... تدمن اللحظ نحوها الأبصار .
ومنه أيضاً : .
إن هي تاهت فمثلها تاها ... لم يجر خلقٌ في الحسن مجراها .
للغصن أعطافها وقامتها ... وللرشا جيدها وعيناها .
فضض بالياسمين عارضها ... ذهب بالجلنار خدّاها .
تلك الثنايا من عقدها نظمت ... أم نظم العقد من ثناياها .
جاعلةٌ ريقها مدامتنا ... إذا سقتنا وكأسنا فاها .
لئن كفاني التفاح وجنتها ... لقد كفاني الأترجّ ثدياها .
ومنه أيضاً : .
بدرٌ غدا يشرب شمساً غدت ... وحدّها في الوصف من حدّه .
تغرب في فيه ولكنها ... من بعد ذا تطلع في خدّه .
ومنه أيضاً : .
ويقرأ في المحراب والناس حوله ... ولا تقتلوا النفس التي حرم الله .
فقلت تأمّل ما تقول فإنها ... فعالك يا من تقتل الناس عيناه .
حكي عن الصنوبري أنه قال : بت ليلةً بالناعورة من حلب فرأيت في النوم كأن إنساناً أتاني وقال : انظر من أتاك فإذا إنسان كنت آلفه بحلب وهو ينشدني : .
لا خير في الطيف إلا طيف مشتاق ... مناضل بين إزعاج وإملاق .
سرى إلى دير إسحاق وربتما ... قضى لبانته في دير إسحاق .
كم ليلةٍ بت بالناعورة انكشفت ... فيها سرائر أحشاءٍ وآماق .
ار الخيال فأنبانا بزورته ... وهناً عناق وشاحاتٍ وأطواق .
فانتبهت فكتبتها ثم ذكرتها لإخواني وأنشدتهم الشعر وقلت لهم : نحن بالناعورة ودير إسحاق فلست أعرفه فقالوا : هو قريبٌ من حمص وما كنت رأيته ولا عرفته قط . وقال الصنوبري من قصيدة خائية رثى بها الحسين بن علي بن أبي طالب Bه : .
هل أضاخٌ كما عهدنا أضاخا ... حبذا ذلك المناخ مناخا .
يقول منها : .
لو يعافى حيٌ لعوفي أرخٌ ... في قلال الجبال يفلو إراخا .
تتقرى شثاً وتألف طبا ... قاً ويقرو ضالاً ويرعى مراخا .
أو أقبٌّ طوراً يؤمّ أضا الرو ... ض وطوراً ميثاءها الجلواخا .
أو أصكٌّ أسكٌّ لا يعرف الغض ... روف سمٌّ منه ولا صملاخا .
أو فشغوٌ قتم الجآجئ منه ... يعجل القرهب الشّبوب امتلاخا .
هنّ أو أعصمٌ كأن مدرياه ... حين عاجا على القذالين حا خا .
قلت : إنما أثبت هذه الأبيات على ما فيها من الغريب لأجل هذا الأخير فإنه تخيلٌ غريب وتشبيه عجيب إلى الغاية .
؟ الرازي الضرير