أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ أبو الطيب الشافعي كان إماماً مقدماً في معرفة الفقه واللغة أدرك الأسانيد العالية وصنف في الحديث وأمسك عن الرواية بعد أن عمر . كان من أئمة الشافعية توفي سنة سبع وثلاثين وثلاث مائة وكان يعرف بالصعلوكي النيسابوري وهو عم الأستاذ أبي سهل .
؟ ؟ ابن الصلاح الطبيب .
أحمد بن محمد بن السري نجم الدين أبو الفتح المعروف بابن الصلاح كان فاضلاً في العلوم الحكمية جيد المعرفة مطلعاً على دقائقها فصيح اللسان مليح التصنيف متميزاً في صناعة الطب وكان عجمياً أصله من همذان أقام ببغداذ واستدعاه حسام الدين تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق إليه وأكرمه غاية الإكرام وبقي في صحبته مدة ثم توجه إلى دمشق ولم يزل بها مقيماً إلى أن توفي في نيف وأربعين وخمس مائة . وكان ابن الصلاح قد استعمل شمشكاً بغداذياً وسأل عن صانع مجيد فدلّ على رجل يقال له سعدان الإسكاف فاستعمل الشمشك عنده ولما فرغ منه بعد مدة وجده ضيق الصدر زائد الطول رديء الصنعة فبقي في أكثر الأوقات يستعيبه ويستقبحه ويلوم الذي استعمله وبلغ ذلك الشيخ أبا الحكم المتطبب فقال على لسانه هذه القصيدة على سبيل المجون : .
مصابي مصابٌ تاه في وصفه عقلي ... وأمري عجيبٌ شرحه يا أبا الفضل .
أثبك ما بي من أسى وصبابةٍ ... وما قد لقيت في دمشق من الذلّ .
قدمت إليها جاهلاً بأمورها ... على أنني حوشيت في العلم من جهل .
وقد كان في رجلي شمشكٌ فخانني ... عليه زمانٌ ليس يحمد في فعل .
فقلت عسى أن يخلف الدهر مثله ... وهيهات أن ألقاه في الحزن والسهل .
ولاحقني نذلٌ دهيت بقربه ... فلله ما لاقيت من ذلك النذل .
فقلت له يا سعد جد لي بحاجةٍ ... تحوز بها شكراً مبراً على مثلي .
بحقي عسى تستنخب اليوم قطعةً ... من الأدم المدبوغ بالعفص والخل .
فقال على رأسي وحقك واجبٌ ... على كل إنسانٍ يرى مذهب العقل .
فناولته في الحال عشرين درهماً ... وسوّفني شهرين بالفع والمطل .
فلما قضى الرحمن لي بنجازه ... وقلت ترى سعدان أنجز لي شغلي .
أتى بشمشكٍ ضيق الصدر أحنفٍ ... بكعبٍ غدا حتفاً على الكعب والرجل .
وبشتيكه بشتيك سوءٍ مقاربٌ ... أضيف إلى فعلٍ شبيهٍ به فسل .
بشكلٍ على الأذهان يعسر حلّه ... ويعيي ذوي الأرباب والعقد والحلّ .
وكعبٍ إلى القطب الشماليّ مائلٍ ... ووجهٍ إلى القطب الجنوبي مستعلي .
وما كان في هندامه لي صحةٌ ... ولكن فسادٌ شاع في الفرع والأصل .
موازاة خطي جانبيه تخالفا ... فجزءٌ إلى علوٍ وجزءٌ إلى سفل .
بوصلٍ ضروريٍ وقد كان ممكناً ... لعمرك أن يأتي الشمشك بلا وصل .
وفيه اختلالٌ من قياسٍ مركّب ... فلا ينتج الشّرطيّ منه ولا الحملي .
فلا شكله القطاع مما يليق أن ... أصون به رجلي فلا كان من شكل .
ولا جنس إيساغويه بينٌ ولا ... يحدّ له نوعٌ إذا جيء بالفصل .
فسادٌ طرا في شكله عند كونه ... فقل أيّ شيءٍ عن مقابحه يسلي .
وقد كان فيه قوةٌ لمرادنا ... فأعوزنا منه الخروج إلى الفعل .
ولو كان معدول الكمال احتملته ... ولكن سلبت الحسن في الجزء والكل .
فيا لك من إيجاب ما الصدق سلبه ... وعدل قضايا جاء من غير ذي عدل .
وما عازني فيه اختلال مقولةٍ ... فجوهركم والكيف والكمّ في خبل .
وأي القضايا لم يبن فيه كذبها ... وأي قياسٍ ليس فيه بمعتلّ .
لقد أعوز البرهان منه شرائطٌ ... تجانسه ثم الضروري والكلي .
إذا خطّ في شمسٍ فمخروط باشه ... كملتفتٍ يبدي انحرافاً إلى الظل