فلعلّ غايات الدجى أن تنتهي ... وعسى غيابات الأسى أن تنجلي .
لا تخدعي بدموع عينك في الورى ... قلباً يعزُّ عليه أن تتذلّلي .
تحمّلي شجن النّوى لا تمكني ... أيدي الصبابة من عنان تجمُّلي .
لا تخذلي بالعجز عزمي بعدما ... شافهت أعجاز النّجوم الأفَّل .
فليسعدنَّ الحزم إن لم تسعدي ... وليفعلنَّ الحقُّ إن لم تفعلي .
ولأعسفنَّ الليل غير مشيعٍ ... ولأركبنَّ الهول غير مذللَّ .
منها : .
وكأنما الشَعّرى سراج موقد ... وقف على طرق النجوم الضُّلَلّ .
وكأن ملتزم الفراقد قطبها ... ركب على عرفان داثر منزل .
وتحوَّلت أمُّ النّجوم كأنها ... زهر تراكم فوق مجرى جدول .
ومن شعره أيضاً : .
إلى أي ذكرى بعد ذكراك أرتاح ... ومن أيّ بحرٍ بعد بحرك أمتاح .
إليك انتهى الرّيّ الذي بك ينتهي ... ويسرح لي الرأي الذي بك يلتاح .
وفي مائك الإغداق والصفو والروا ... وفي ظلّك الريحان والرَّوح والراح .
وكلُّ بأثمار الحياة مهدَّل ... وبالعطف ميّاس وبالعرف ميّاح .
فأغدق للظّمآن محياً ومشرب ... وأفسح بالضاحي غصون وأدواح .
تغنّي طيور اليمن فيها كأنما ... بعلياك تشدو أو لذكراك ترتاح .
فألحانها في سمع من أنت حزبه ... أغانٍ وفي أسماع شانيك أنواح .
ومنه : .
أوجفت خيلي في الهوى وركابي ... وقذفت نبلي بالصبا وحرابي .
وسللت في سبل الغواية صارماً ... عضباً ترقرق فيه ماء شبابي .
ورفعت للشّوق المبَّرح رايةً ... خفّاقةً بهوائج الأطراب .
ولبست للّوّام لأمة خالعٍ ... مسرودةً بصبابةٍ وتصاب .
وبرزت للشّكوى بشكّة معلمٍ ... نكص الملام بها على الأعقاب .
فاسأل كمين الشّوق كيف أثرته ... بغروب دمع صبابة التسكاب .
واسأل جنود العذل كيف لقيتها ... في جحفل البرحاء والأوصاب .
ولد ابن دراج سنة سبع وأربعين وثلاثمائة وتوفي سنة إحدى وعشرين وأربعمائة .
ابن بشّار الكاتب .
أحمد بن محمد بن سليمان بن بشار الكاتب ذكره محمد بن إسحاق النديم وقال : هو أستاذ أبي عبد الله الكوفي الوزير وكان أحد الأفاضل من الكتّاب بلاغة وفصاحة وصناعة وله كتاب الخراج كبير نحو ألف ورقة وكتاب الشراب والمنادمة .
المهلّبي الرحاني النحوي .
أحمد بن محمد المهلبي أبو العباس كذا ذكره محمد بن إسحاق النديم في كتابه وقال : هو مقيم بمصر ويعرف بالرحاني . له كتاب شرح علل النحو والمختصر في النحو وكان بمصر نحوي يعرف بالمهلبي اسمه علي بن أحمد وكان في هذا العصر . فإن كان هذا فقد وهم النديم في اسمه وإلاّ فهو غيره كذا قاله ياقوت في معجم الأدباء .
الجيهاني .
أحمد بن محمد بن نصر الجيهاني أبو عبد الله وزير نصر بن أحمد السّاماني صاحب خراسان ؛ كان أديباً فاضلاً ذكره محمد بن إسحاق النديم وقال : له من الكتب : كتاب المسالك والممالك . كتاب الزيادات في كتاب الناشىء من المقالات . وكتاب العهود والحلفاء والأمراء . ولأحمد بن أبي بكر الكاتب يهجوه : .
أيا ربَّ : فرعون لمّا طغى ... وتاه وأبطره ما ملك .
لطفت وأنت الطيف الخبير ... فأقحمته اليمَّ حتى هلك .
فما بال هذا الذي لاأراه ... يسلك إلا الذي قد سلك .
مصوناً على نائبات الدهور ... يدور بما يشتهيه الفلك .
ألست على أخذه قادراً ... فخذه وقد خلص الملك لك .
فقد قرب الأمر من أن يقال ... ذا الأمر بينهما مشترك .
وإلاّ فلم صار يملى له ... وقد لجّ في غيّه وانهمك .
ولن يصفو الملك مادام فيه ... شريك وإن... شك .
وقال فيه آخر : .
لا لسان لا رواء ... لا بيانٌ لا عبارة .
لا ولا ردُّ سلامٍ ... منك إلاّ بالإشاره