ورميت عن قوس الفتور فأصبحت ... غرضاً لأسهمك القلوب فسدّد .
لم تغضض الجفن الكحيل تغاضياً ... إلاَّ لتقتلنا بسيفٍ مغمد .
من لم يبت بعذاب حبك قلبه ... متنعماً لا فاز منك بموعد .
للصبِّ أسوة خال خدّك إنه ... متنعم في جمره المتوقّد .
قلت : هذا يشبه قول عفيف الدين التلمساني بل هو بعينه : .
قلبي المنعّم في هواك بناره ... إن كان غيري في الهوى يتألم .
للصبِّ أسوة خال خدِّك إنه ... في جمره متوقداً يتنعَّم .
رجع القول إلى تمام أبيات محيي الدين ابن باتكين القاهري : .
أهوى قوام الغصن تعطفه الصبَّا ... فعل الصِّبا بقوامك المتأود .
طرباً واصبو لغدير مجعّداً ... بيد النسيم حكى صفيحة مبرد .
إذا أشبهاك تأرُّجا وتموجاً ... بيد النسيم حكى صفيحة مبرد .
لاموا على ظمأي إليك فلا دروا ... في ماء خدك ما حلاوة موردي .
طوراً أحيّا بالأقاح وتارةً ... في الخدّ بالريحان والورد النّدي .
وجهٌ كما سفر الصباح وحوله ... حسناً بقايا جنح ليلٍ أسود .
وكأنّما خاف العيون فألبست ... وجناته زرداً مخافة معتد .
أنّى يخاف من استجار محبّة ... بمحمد بن علي بن محمد .
قلت : تخلّص إلى مدح الصاحب فخر الدين ابن الصاحب بهاء الدين ابن حنّا ؛ وقول السراج الوراق أكمل لّما قال يمدح الصاحب تاج الدين ولد فخر الدين ممدوح ابن باتكين من أبيات : .
فله الجمال غدا بغير منازع ... ولي الجوي فيه بغير قسيم .
وكذا العلى بمحمد بن محمد ب ... ن عليّ بن محمد بن سليم .
وقال الشيخ أثير الدين : كتب أبو الحسين الجزاز إلى محيي الدين ابن باتكين : .
وما شيء له نقش ونفس ... ويؤكل عظمه ويحكّ جلده .
يودُّ به الفتى إدراك سؤلٍ ... وقد يلقى به ما لا يودّه .
ويأخذ منه أكثره بحقً ... ولكن عند آخره يردّه .
فأجابه محيي الدين المذكور : .
أمولاي الأديب دعاء عبدٍ ... ودودٍ لا يحول الدهر ودّه .
يرى محض الثناء عليك فرضاً ... ولا يثني عنان الشكر بعده .
لقد أهديت لي لغزاً بديعاً ... يضلّ عن اللبيب لديه رشده .
وقد أحكمته درّاً نضيداً ... يشنّف مسمعي بالدرَّ عقده .
فشطر اللغز أخماس ثلاث ... للغزك إن ترد يوماً أحدّه .
وباقيه مع التصحيف كسب ... إذا ما ته حرفاً تعدّه .
هما ضدّان يقتتلان وهناً ... ويضطجعان في فرش تمدّه .
هما جيشان من زنجٍ وروم ... يقابل كلّ قرنٍ فيه ضدّه .
تقوم الحرب فيه كلّ وقتٍ ... ولا تدمى من الوقعات جنده .
ويشتدّ القتال به طويلاً ... ويحكم بالأصاغر فيه عقده .
ويقتل ملكه في كلّ حين ... ويبعثه النشاط فيستردّه .
وما ينجي الهمام به حسام ... وقد ينجي من الإتلاف بنده .
ونصر الله في الهيجا سجالٌ ... فمن شاء الإله به يمدّه .
وهذا كلّه حسب اجتهادي ... وغاية فكرة الإنسان جهده .
ونقلت من خط الحافظ اليغموري قال أنشدني محيي الدين أبو العباس أحمد ابن نصر الله الكاتب المصري لنفسه : .
ناظرنا في البيوت أعمى ... عن كل خيرٍ وكل برّ .
أسود كالفحم فهو مأوى ... كلّ شرارٍ وكلّ شرّ .
ونفخ هذا الوزير فيه ... أحرق كلّ الورى بجمر .
قال وله : .
يكتب في الكتب اسمه وحده ... بلا أبٍ كرهاً له إذ أباه .
لا تنكروا كثرة إسقاطه ... فإنّه أسقط حتى أباه .
أحمد بن نعمة .
كمال الدين أبو العباس المقدسي