وقال ابن حزم في نقط العروس إن سليمان قتل ابنه أيوب سراً لأنه ارتد إلى النصرانية : كان قد ضمه إلى عبد الله بن عبد الأعلى الشاعر وكان زنديقاً فزندقه . فدس إليه سليمان سماً فقتله . قال سبط ابن الجوزي في المرآة : أخطأ ابن حزم فإنهم اتفقوا على أن سليمان حزن عليه حتى قالوا إنه انفلقت كبده فمات كمداً ثم إن ابن أربع عشرة سنة من أين تأتيه الزندقة ؟ وعبد الله بن عبد الأعلى لم يكن زنديقاً وإنما المتهم بالزندقة أخوه عبد الصمد .
قلت : ولما مات أيوب مشى أبوه في جنازته وصلى عليه ثم وقف على قبره وقال : .
وقوفاً على قبر مقيم بقفرة ... متاع قليل من حبيب مفارق .
ثم قال : عليك السلام يا أيوب . ثم أنشد : .
كنت لنا أنساً ففارقتنا ... فالعيش من بعدك مر المذاق .
وكان بين أيوب وأبيه اثنان وأربعون يوماً .
مؤذن النجيبي .
أيوب بن سليمان بن مظفر الشيخ المقرئ المعمر نجم الدين مؤذن النجيبي ؛ كبير المؤذنين . كان يخرج بالسواد أمام خطباء الجامع الأموي بدمشق وله صوت جهوري طيب واستمر على ذلك زماناً وعاش تسعاً وثمانين سنة وكان ريض الأخلاق له عدة أولاد منهم : أمين الدين محمد . وتوفي C تعالى سنة تسع وسبع مائة .
الأفضل والد صلاح الدين .
أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الأمير نجم الدين أبو الشكر الدويني والد الملوك ؛ كان رجلاً ديناً خيراً كثير الصدقات وافر العقل سمحاً كريماً قال بعض المؤرخين : كان شاذي بن مروان من أهل دوين من أبناء أعيانها المعتبرين وكان له صاحب يقال له جمال الدولة المجاهد بهروز وكان من أظرف الناس وأخبرهم بتدبير الأمور وكانا متحدين . فجرت لبهروز قضية في دوين فخرج منها حياءً وحشمةً لأنه اتهم بزوجة بعض الأمراء فخصاه وقصد خدمة غياث الدين مسعود السلجوقي فاتصل باللالا الذي لأولاده واختص به وفوض أموره إليه وصار يركب مع أولاد السلطان فرآه يوماً مع أولاده فأنكره فقال اللالا : إنه خادم مثلي . ثم صار يسيره إلى السلطان فخف على قلبه ولعب معه الشطرنج والنرد وحظي عنده ومات اللالا فأقامه مكانه فاشتهر ذكره في تلك البلاد فاستدعى شاذي بن مروان فلما وصل إليه أكرمه ورأى السلطان أن يوجه بهروزاً إلى بغداد والياً عليها ونائباً عنه فتوجه إليها ومعه شاذي وأولاده وأعطى السلطان لبهروز تكريت فلم يثق بهروز إلا بشاذي فأرسله إليها فمضى إليها وأقام بها مدة وتوفي بها فولى مكانه نجم الدين أيوب فنهض في أمرها وشكره بهروز