رحم الله عجوزاً ... تركت شخصاً حزينا .
وله فيها مرثية ومنها بيت مختار وهو : - من الطويل - .
تصبرت لما فرق الدهر بيننا ... وعزيت نفسي بالنبي محمد .
أبوالفضل الطيالسي .
جعفر بن محمد بن أبي عثمان أبو الفضل الطَّيالسيّ . سمع عفان بن مسلم وسليمان بن حرب ومسلم بن إبراهيم ومسدّداً وابن معين وغيرهم . وروى عنه يحيى بن صاعد وإسماعيل بن محمد الصفّار وأبو بكر الشافعي وكان ثقة ثبتاً حسن الحفظ مات سنة اثنتين وثمانين ومئتين .
أبو معشر المنجّم .
جعفر بن محمد بن عمر البلخي أبو معشر المنجم المشهور . كان إمام وقته في فنّه وله التصانيف المفيدة في علم النِّجامة منها : كتاب المدخل . وكتاب الرّيح . والألوف والمواليد . وغير ذلك . وكانت له إصابات عجيبةٌ . قال القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان C تعالى : رأيت في بعض المجاميع أنه كان متصلاً بخدمة بعض الملوك وأن ذلك الملك طلب رجلاً من أتباعه وأكابر دولته ليعاقبه بسبب جريمة صدرت منه وعلم أن أبا معشر يدل عليه بالطرائق التي يستخرج بها الخفايا والأشياء الكامنة فأراد أن يعمل شيئاً لا يهتدي إليه ويبعد عنه حدسه فأخذ طستاً وجعل فيه دماً وجعل في الدم هاوناً وقعد على الهاون أياماً وتطلبَّب الملك ذلك الرجل وبالغ في الطلب فلما عجز عنه أحضر أبا معشر وقال تعرّفني موضعه بما جرت به عادتك . فعمل المسألة التي يستخرج بها الخبايا وسكت زماناً حائراً فقال له الملك ما سبب سكوتك وحيرتك ؟ قال : أرى شيئاً عجيباً . فقال وما هو ؟ قال أرى الرجل المطلوب على جبل نحاس والجبل في بحر دم ولا أعلم في العالم موضعاً بهذه الصفة . فقال له : أعد نظرك وغيِّر المسألة وجدِّد أخذ الطالع ففعل . ثم قال : ما أراه إلا كما ذكرت وهذا شيء ما وقع لي مثله . فلما يئس الملك من القدرة عليه بهذا الطريق نادى في البلاد بالأمان للرجل ولمن أخفاه وأظهر من ذلك ما وثق به فلما اطمأن الرجل خرج وحضر بين يدي الملك فسأله عن الموضع الذي كان فيه فأخبره بما اعتمده فأعجبه حسن احتياله في إخفاء نفسه ولطافة أبي معشر في استخراجه . وله غير ذلك في الإصابات .
وذكر محمد بن اسحاق النديم أن أبا معشر كان من أولاد المحدثين وكان يضاغن الكندي ويغري به العامة ويشنع عليه بعلوم الفلاسفة فدسّ عليه الكندي من حسن له النظر في علم الحساب والهندسة فدخل في ذلك له فعدل لمّا كمل له ذلك إلى علم أحكام النجوم وانقطع شرُّه عن الكندي . ويقال إنه تعلم النجوم بعد سبع وأربعين سنة من عمره .
وقال أبو أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث الحارثي قال : حدثني أبي قال : كنت أحد من يعمل في خزائن السلاح للمهتدي فكنت يوماً قائماً بحضرة الموفق في عسكره لقتال صاحب الزّنج وبحضرته أبو معشر ومنجم آخر سمّاه أبي وأنسيته أنا فقال لهما : خذا الطالع في شيء قد أضمرته منذ البارحة أسألكما عنه وأمتحنكما به فأخرجا ضميري . فأخذا الطالع وعملا زايرجه وقالا جميعاً : تسألنا عن حملٍ ليس لإنسي فقال هو كذلك فما هو ؟ ففكرا جميعاً طويلاً وقالا عن حمل بقرةٍ . قال : هو كذلك فما تلد ؟ قالا جميعاً : نور . قال فما شينه ؟ قال أبو معشر : أسود في جبهته بياض . وقال الآخر بل رأس ذنبه أبيض وله غرّة . فقال الموفق . ترون ما أجسر هؤلاء . أحضروا البقرة فأحضرت وهي مقرب فقال : اذبحوها فذبحت وشقّ بطنها فأخرج منها ثورٌ صغيرٌ أسود أبيض طرف الذنب وقد التف ذنبه فصار على وجهه . فعجب الموفق ومن حضره من ذلك عجباً شديداً وأسنى جائزتهما .
وقال أيضاً حدثني أبي قال : كنت أيضاً بحضرة الموفق فأحضر أبا معشر المنجم وهذا المنجم الآخر وقال لهما : معي خبر فما هو ؟ فقال أحدهما بعد أن أخذ الطالع وعمل الزايرجه وفكّر طويلاً : هو في شيء من الفاكهة . وقالأبو معشر : هو في شيء من الحيوان . فقال الموفق للأخير : أحسنت وقال لأبي معشر : أخطأت ورمى من يده تفاحة وأبو معشر قائم فتحيّر وعاود النظر في الزايرجه ساعة ثم غدا يسعى نحو التفاحة حتى أخذها وكسرها ثم قال : الله أكبر وقدَّمها إلى الموفق فإذا هي تنفش بالدود فهال الموفق ما رآه من إصابته وأمر له بجائزة عظيمة . توفي في شهر رمضان سنة اثنتين وسبعين ومئتين وقد جاوز المئة .
؟ ؟ اليزيدي