وحكى لي منهم عنه غير واحد أنّه كان ينزع النَّصل من النشاب ويكتب عليه إيّاكم تذعنوا أو تسلِّموا وطوِّلوا روحكم فهؤلاء ما لهم ما يأكلونه وكان يحذرنا هكذا بعدة سهامٍ كان يرميها إلى القلعة واجتمع بالوزير وقال له هذا القان ما يبالي ولا يقع عليه عتبٌ وفي غد وبعده ذا تحدّث الناس أيش يقولون نزل خربندا على الرَّحبة وقاتل أهلها وسفك دماءهم وهدمها في شهر رمضان فيقول الناس فما كان له نائب مسلم ولا وزير مسلم وقرّر معه أن يحدّثا القان خربندا في ذلك ويحسّنا له الرحيل عن الرحبة فدخلا إليه وقالا له : المصلحة أن تطلب كبار هؤلاء وقاضيهم ويطلبوا منك الأمان ونخلع عليهم ونرحل بحرمتنا فإن الطابق وقع في خيلنا وما للمغل ما تأكل خيلهم وإنما هم يأخذون قشور الشجر ينحتونها ويطعمونها خيلهم وهؤلاء مسلمون وهذا شهر رمضان وأنت مسلم وتسمع قراءتهم القرآن وضجيج الأطفال والنساء في الليل . فوافقهم على ذلك وطلبوا القاضي وأربعة أنفس من كبار البحرية وحضروا قدام خربندا وخلعوا عليهم وأعادوهم وباتوا فما أصبح للمغل أثر وتركوا المناجنيق وأثقالها رصاصاً والطعام والعجين وغيره لم يصبح له أثر هذه الحركة تكفيه عند الله تعالى حقن دماء المسلمين ورفع الأذى عنهم لكنه أباد عدداً كثيراً من المغل وجرى له ما تقدم في ترجمة ايرنجي وأخذ من الرشيد الوزير ألف ألف دينار وقد مرَّ ذكر ابنه تمرتاش وابنته بغداذ وكان ابنه دمشق قائد عشرة آلاف فزالت سعادتهم وتنمّر لهم بوسعيد وقتل دمشق خواجا ولده وهرب أبوه إلى والي هراة لائذاً به فآواه وأطلعه إلى القلعة ثم قتله . ونقل تابوت جوبان إلى المدينة النبويّة لأن ابنته بغداذ جهَّزته مع الركب ليدفن في تربته فما تمّ له ذلك . وبلغ الخبر السلطان الملك الناصر فجَّهز الهجن إلى المدينة وأمرهم أن لا يمكّن من الدفن في تربته فدفن تابوته في البقيع وكانت قتلته في سنة ثمان وعشرين وسبعمئة . وكان من أبناء الستين لأنه لما قدم دمشق مع قازان كان من أكبر قواده C تعالى . وخلف من الأولاد تمرتاش وتقدم ذكره ودمشق ملك وصرغان شيرا وبغبصطي وسلجوكشاه والملك الأشرف والملك الأشتر .
الألقاب .
أبو الجود المقرىء اسمه : غياث بن فارس .
الحافظ جرجي : إسماعيل بن محمد .
جورجيس .
الطبيب السّرياني .
جورجيس بن جبريل الطبيب السّرياني .
قال الشيخ شمس : الدين فارسيٌ وليس به كانت له خبرة بالعلاج وخدم المنصور وكان سبب اتصاله أن المنصور فسدت معدته فتقدم إلى الربيع أن يجمع الأطباء ويسألهم عن رجل فاضل حيث كان فقالوا : ليس في وقتنا مثل جورجيس رئيس جندى سابور فطلبه فلما وصل قال له ما به فخفّف غذاءه ولطّف تدبيره فعاد إلى ما كان عليه وطلب إحضار ابنه منه فقال : إنه سدَّ مكاني لكن لي تلاميذ فأحضر عيسى بن سهلا فسأله المنصور عن أشياء فأجاب فقال لجورجيس : ما أحسن ما وصفت هذا التلميذ . ثم إن المنصور سيّر إلى جورجيس جواري يتسرّى بهنّ فسأله عن ذلك فقال : النصارى لا يتزوجون أكثر من واحدة وإذا كانت في الحياة لا يتخذون غيرها فحسن موقعه من المنصور وأدخله على نسائه وحرمه فلما كبرت سنّه طلب دستوراً فأعطاه وتمكّن ابن سهلا ووضع يده على الأساقفة وأخذ أموالهم وكتب إلى مطران نصيبين يستدعي منه أشياء من آلات البيعة ويتهدّده ويقول له : ألست تعلم أن أمر الملك بيدي إن شئت أمرضته وإن شئت عافيته فاحتال المطران في إيصال الكتاب إلى الربيع فأوقف المنصور عليه فأمر بنفيه وطلب بختيشوع بن جورجيس فلم يزل عند الخلفاء إلى أيام هارون الرشيد وقد تقدم ذكره . ولما عاد جورجيس إلى بلاده أعطاه المنصور عشرة آلاف دينار وكانت وفاته في حدود الستين والمئة .
اليبرودي الطبيب