الحسن بن إبراهيم بن الحسن أبو محمد التنوخي الحلبيُّ الشاعر . روى عنه أهل بغداد وكان أقام بها بعد الخمسمائة ومن شعره : من المجتث .
يا من كساني سقاماً ... وجسمه منه عار .
رضيت لو كنت ترضى ... فيه بذلّي وعاري .
ومنه : من الطويل .
إذا طيف بالثور السّمين وفوقه ... ثيابٌ وأجراصٌ وقطنٌ مزعفر .
فلا شكّ أن الثور من بعد ساعةٍ ... سيسلب ما قد خوَّلوه وينحر .
قلت هو من قول الآخر : من مجزوء الكامل .
خلعوا عليه وزّينو ... ه وأهَّلوه لكل رفعه .
وكذاك يفعل بالجما ... ل لنحرها في كلّ جمعه .
الأصطخري الشافعي .
الحسن بن أحمد بن يزيد أبو سعد الأصطخري شيخ الشافعية . ولي قضاء قمّ وحسبة بغداد فأحرق مكان الملاهي وكان ورعاً زاهداً متقللاً من الدنيا . وله تصانيف مفيدةٌ منها : كتاب أدب القاضي ليس لأحد مثله . وله وجهٌ في المذهب . وقيل إن قميصه وعمامته وطيلسانه وسراويله كان من شقَّةً واحدةٍ . واستقضاه المقتدر على سجستان واستفتاه في الصابئين فأفتاه بقتلهم لأنهم يعبدون الكواكب فعزم الخليفة على ذلك فجمعوا له مالاً كثيراً وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وثلاثمئة .
الجنّابي القرمطي .
الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الجنَّابي - بفتح الجيم وتشديد النون وبعد الألف ياء موحدة نسبةً إلى جنَّابة وهي بلدةٌ صغيرة من سواحل فارس بن جنّابة وسيراف أربعةٌ وخمسون فرسخاً - القرمطي المعروف بالأعصم بهمزةٍ وعين مهملة وصاد مهملة بعدها ميم - مولده بالاحساء وتوفي بالرَّملة سنة ست وستين وثلاثمئة غلب على الشام وكان كبير القرامطة واستناب على دمشق وشاح بن عبد الله . وقدم إلى دمشق نائباً وكسر جيش المصريين وقتل منهم جعفر بن فلاح . ثم أنّه توجَّه إلى مصر وحاصرها شهوراً واستخلف على دمشق ظالم بن مرهوب العقيلي وكان يظهر طاعة أمير المؤمنين الطائع . ولما قصد القرمطي أبو علي أحمد مصر جرت بينه وبين جوهر القائد حربٌ بعين شمسٍ وانهزم القرمطي ورجع إلى الأحساء من أرض البحرين ثم أنّه تجهَّز وعاد إلى الشام وجرت له بها خطوبٌ وحروبٌ واجتمع مع الفتكين الشرابي التركي غلام معز الدَّولة لما انهزم من بغداد من عضد الدولة على حرب العزيز صاحب مصر وواقعهما العزيز على باب دمشق وجرت بينهم حربٌ شديدةٌ معروفةٌ في التواريخ أسر فيها الفتكين وانهزم أبو علي القرمطي إلى الأحساء ثم رجع إلى الشام وتردَّدت الرسل بينه وبين صاحب مصر حتى استقرّت الحال على المهادنة وقرَّروا له مالاً يحمل إليه في كل عامٍ حتى كفَّ عن أعمالهم وضمن حراسة الحجيج في صدرهم عن مصر والشام وعودهم ومن شعره يصف الحجل : من الطويل .
ولابسةٍ ثوباً من الخزِّ أدكنا ... ومن أحمر الديباج راناً ومعجرا .
مطوَّقة في النحر سبحة عنبرٍ ... على أنها لم تلتمس أن يعطرا .
لها مقلنا جزع يمانٍ تحملت ... مآقيهما في موضع الكحل عصفرا .
مطرَّزة الكمين طرزاً تخالها ... إذا لحظتها العين ثوباً محيِّرا .
تراها تعاني الضحك عجباً بنفسها ... إذا أمنت من أن تخاف وتذعرا .
كمثل الفتى الغضّ الشبيبة مظهراً ... لفرط التصابي والنشاط تبخترا .
فتظهر عند الأمن منها تبرُّجا ... وتظهر عند الخوف منها تستُّرا .
ومنه : من الكامل .
ما ضرَّ من لبس الملاحة مغفراً ... والبدر سيفاً والغزالة جوشنا .
لو كان أنعم أو أقام على الوفا ... أو كان أجمل أودنا أو أحسنا .
يا قلبه القاسي ورقة خدّه ... ألاّ نقلت إلى هنا من ههنا .
وكان أبو علي القرمطي يعشق أبا الذوَّاد المفرّج بن دغفل بن الجرَّاح فدخل عليه يوماً وفي وجهه أثرٌ فسأله عنه فقال قبلتني الحمَّى فقال : من الخفيف .
قبلته الحمَّى ولي أتمنَّى ... قبلة منه من زمانٍ طويل .
حاجةً طالما تردَّدت فيها ... قضيت للغريب قبل الخليل .
وفيه يقول : من المجتث .
هل لنا فرجةٌ إليك أبن يا مفرَّج .
لامني فيك معشرٌ هم إلى اللوم أحوج