قد بان لي عذر الكرام فصُّدهم ... عن أكثر الشعراء ليس بعار .
لم يسأموا بذل النوال وإنما ... جمد النَّدى لبرودة الأشعار .
ومنه : من المنسرح .
تزيد القول فيه أن له ... ورداً جنيّاً في صفحة الخدِّ .
فنكرشت عارضاه تشعر أنّ ... الشّوك لا بدَّ منه للورد .
ومنه : من الخفيف .
قيل لي ما تقول في شعراتٍ ... رحَّلت حسن ذلك الخدِّ عنه .
ولحوني على تزايد وجدي ... قلت غطّى شيئاً بأحسن منه .
فتلافيت قلبه حين حانت ... عارضاه بأنَّني لم أخنه .
ومنه : من مجزوء الكامل .
لما بدا خطُّ العذا ... ر يزين خدَّيه بمشق .
وظننت أنَّ سواده . . ... فوق البياض كتاب عتقي .
فإذا به من سوء حظ ... ي عهدةٌ كتبت برقي .
ومنه : من مخلع البسيط .
ولائمٍ في اكتحالي ... يوم استباحوا دم الحسين .
فقلت دعني أحقُّ عضوٍ ... ألبس فيه السَّواد عيني .
قلت : أحسن منه قول أبي الحسين الجزار : من السريع .
ويعود عاشوراء يذكرني ... رزء الحسين فليت لم يعد .
فليت عيناً فيه قد كحلت ... بمسرَّةٍ لم تخل من رمد .
ويداً به لمشاتةٍ خضبت ... مقطوعة من زندها بيدي .
يومٌ سبيلي حين أذكره ... أن لا يدور الصَّبر في خلدي .
أمَّا وقد قتل الحسين به ... فأبو الحسين أحقُّ بالكمد .
قلت : ما أحسن قوله مقطوعة من زندها بيدي وهو جزارٌ لقد ظرَّف إلى الغاية . ومن شعر ابن جكّينا : من البسيط .
يا من تواضعه للناس عن ضعةٍ ... منه فمن أجلها بالكبر يتَّهم .
قعدت عن صلة الرّاجي وقمت له ... وهذا وثوبٌ على الطلاَّب لا لهم .
ومنه : من المنسرح .
ومظهرٍ ودَّه لسائله ... يكفُّ عنه الأطماع بالياس .
يقوم للناس مكرماً فإذا ... راموا نداه يقوم للناس .
ومنه : أيضاً : من السريع .
قصدت فتعالى به قدري ... فدتك النفس من قاصد .
وما رأى العالم من قبلها ... بحراً سعى قطُّ إلى وارد .
؟ النبَّال مقرىء مكة .
الحسن بن أحمد بن محمد النبَّال القوَّاس مقرىء مكة . توفي سنة خمس وأربعين ومئتين .
؟ البزكان الواعظ .
الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن الأنصاري أبو علي الواعظ الصوفي الملقب بالبزكان بضم الياء الموحدة وسكون الزاي وبعدها كاف وبعد الألف نون البغدادي . كان له كلامٌ على لسان أهل الطريقة سمع جماعةً منهم الحسين بن أحمد النِّعالي ورزق الله بن عبد الوهاب التميمي والقاضي أبو يوسف الأسفراييني وغيرهم . وسافر إلى الشام ومصر والجبال وصحب المشاريخ الكبار وخدمهم وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وخمسمئة ومن شعره : من الطويل .
سأصبر جهدي ما استطعت ولا أبدي ... فما قصدهم قصدي ولا وجدهم وجدي .
وأكتم حباً قد تقادم عهده ... لعلّي أنال القرب من دونهم وحدي .
ومنه : من البسيط .
إن النجوم لترثي لي وترحمني ... مما أبيت أقاسيه من السَّهر .
أبيت في وصله من هجره وجلاً ... أذري الدُّموع على خدَّيَّ كالمطر .
قلت : شعر مقبول .
ابن الحويزي .
الحسن بن أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان العباسي المعروف بابن الحويزي . نشأ ببغداد وقرأ بها القرآن بالروايات على أبي الكرام المبارك بن الشهرزوري وسمع منه ومن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن السَّمرقندي والحافظ بن ناصر وغيرهم . قرأ الأدب على أبي محمد بن الخشاب وسكن واسطاً إلى أن مات بها سنة ثلاث وسبعين وخمسمئة وكان يقرىء القرآن بها والأدب ويعلّم الصبيان الغناء بالألحان وكان يعرف الموسيقى وكان مشتهراً بالسماع وحضور أماكن الغناء وكان أديباً فاضلاً حسن المعرفة بالنحو ويقول الشعر وكان متصوّفاً ظريفاً لطيفاً جميل الهيئة كثير العبادة متنسِّكاً صالحاً أورد له محب الدين بن النجار : من الوافر .
غرامٌ كل يومٍ مستجدُّ ... وشوقٌ ماله أمدٌ وحدُّ .
وجبٌّ كلما يزداد قلبي . . ... به شغفاً تزايد منه صدُّ