ولما بلغ المقطوعان الأولان للوزير عبيد الله أحضر ابن بسام وقال : يا هذا مالي ولك تهجوني وتهتف بي وتجدد أحزاني على ولدي مع إحساني إليك وإلى أبيك وأهلك فتنصل واعتذر وقال ما هكذا قلت وأنشد : من مخلع البسيط .
قل لأبي القاسم المرجى ... لن يدفع الموت كف غالب .
لئن تولى بمن تولى ... وموته أعظم المصائب .
لقد تخطت بك المنايا ... عن حاملٍ عنك للنوائب .
فقال : والله لقد قلت الأول والثاني . وأغضى عنه .
أبو علي البندنيجي الشافعي .
الحسن بن عبيد الله الفقيه أبو علي البندنيجي الشافعي صاحب الشيخ أبي حامد له عنه تعليقة مشهورة وله مصنفات كثيرة .
درس ببغداد الفقه ثم رجع إلى البندنيجين وأفتى . وكان ورعاً صالحاً وتوفي سنة خمس وعشرين وأربعمائة .
الإخشيدي .
الحسن بن عبيد الله بن طغج بن جف الإخشيدي . لما أقام الجند أبا الفوارس أحمد بن علي بن الإخشيد جعلوا خليفته في تدبير الأمور ؛ أبا محمد الحسن بن عبيد الله المذكور ؛ وهو ابن عم أبيه . وكان صاحب الرملة من بلاد الشام وهو الذي مدحه أبو الطيب بقصيدته التي أولها : من الطويل .
أنا لائمي إن كنت وقت اللوائم ... علمت بما بي بين تلك المعالم .
وقال في مخلصها : من الطويل .
إذا صلت لم أترك مصالاً لفاتكٍ ... وإن قلت لم أترك مقالاً لعالم .
وإلا فخانتني القوافي وعاقني ... عن ابن عبيد الله ضعف العزائم .
وتزوج الحسن : فاطمة ابنة عمه الإخشيد ودعوا له على المنبر بعد ابن عمه أبي الفوارس أحمد بن علي وهو بالشام .
واستمر الحال على ذلك إلى يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة ودخل إلى مصر رايات المغاربة الواصلين صحبة القائد جوهر ؛ فانقرضت دولة الإخشيدية وكانت أربعاً وثلاثين سنة وعشرة اشهر وأربعة وعشرين يوماً .
وكان قد قدم ابن عبيد المذكور من الشام منهزماً من القرامطة ودخل على ابنة عمه التي تزوجها ؛ وحكم وتصرف وقبض على الوزير جعفر بن الفرات وصادره وعذبه ثم عاد إلى الشام في مستهل شهر ربيع الآخر سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة .
وكان جعفر بن فلاح رسول القائد جوهر قد أسر الحسن بن عبيد الله من الشام وسيره إلى مصر مع جماعة من أمراء الشام إلى القائد جوهر ودخلوا مصر سنة تسع وخمسين .
وكان ابن عبيد الله قد أساء إلى المصريين في مدة ولايته عليهم فتركوهم وقوفاً مشهورين مقدار خمس ساعات والناس ينظرون إليهم ويشمت بهم من في نفسه منهم ثم أنزلوا في مضرب القائد جوهر مع المعتقلين .
وقيل : إن القائد جوهر بعث به مع جملة الأسارى إلى المعز . وقيل بل مات في القصر وصلى عليه العزيز نزار بن المعز سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة .
الحسن بن عثمان القاضي الزيادي : .
الحسن بن عثمان بن حماد بن حسان بن عبد الرحمن بن يزيد أبو حسان الزيادي البغدادي القاضي من أعيان أصحاب الواقدي .
روى عن الهيثم بن عدي وهشيم بن بشير وغيرهما .
وكان أديباً فاضلاً نسابةً أخبارياً جواداً كريماً سمحاً .
توفي سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين ومائتين عن تسع وثمانين سنة . ومات هو والحسن بن علي بن الجعد في وقت واحد .
وكان الزيادي قاضي مدينة المنصور وكان يصنف الكتب وتصنف له . وكانت له خزانة كتبٍ حسنة وله كتاب : عروة بن الزبير طبقات الشعراء كتاب الآباء والأمهات .
وليس هو كما يظن به ؛ أنه من ولد زياد بن أبيه . ولما أحضره إسحاق بن إبراهيم المصعبي والي بغداد مع من أحضره لما أمر المأمون بالقول بخلق القرآن عرض ذلك عليه وقرأ كتاب المأمون فكل منهم غالط وصرح إلا هو فإنه قال : القرآن كلام الله والله خالق كل شيء وأمير المؤمنين إمامنا وبسببه سمعنا عامة العلم وقد سمع ما لم نسمع وعلم ما لم نعلم وقد قلده الله أمرنا فصار يقيم حجنا وصلاتنا ونؤدي إليه زكوات أموالنا ونجاهد معه ونرى إمامته فإن أمرنا أتمرنا وإن نهانا انتهينا