فغبت عند ذاك عن وجودي ... لما تجلى الحق في شهودي .
وعاينت عيناي ذات الباري ... من غير شكٍ ولا تماري .
فكنت من ربي لا محاله ... كقاب قوسين وأدنى حاله .
ومنه : من الدوبيت .
الحكمة أن تشرب في الحانا ... ت خمراً قرنت بسائر اللذات .
من كف مهفهفٍ متى ما تلي ... ت آيات صفاته بدت من ذاتي .
ومنه : من الطويل .
سطا وله في مذهب الحب أن يسطو ... مليحٌ له في كل جارحة قسط .
ومن فوق صحن الخد للنقط غايةٌ ... يدل على ما يفعل الشكل والنقط .
وختم الشيخ شمس الدين ترجمة الشيخ حسن بعدما أورد هذه الأبيات بأن قال : " أمرد وقهوة وقحبة أوراد أرباب الهوى هذي طريق الجنة فأين طريق النار ؟ " .
ابن عرفة .
الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي مولاهم البغدادي المؤدب مسند وقته تفرد عن جماعة من المشايخ . وروى عنه الترمذي وابن ماجة وروى عنه النسائي في غير السنن بواسطة .
سئل كم تعد ؟ فقال : مائةٌ وعشر سنين ولم يبلغ أحد من أهل العلم هذا السن غيري . وكان له عشرة أولاد سماهم بأسماء الصحابة .
قال النسائي : لا بأس به . وتوفي سنة سبع وخمسين ومائتين .
الأمير الحرشي .
الحسن بن عريب بن عمران الحرشي من أمراء العرب بالعراق . كان شاعراً جواداً سمحاً ربما وهب المائة من الإبل . توفي سنة إحدى وعشرين وستمائة .
ومن شعره : من الطويل .
صحا قلبه لا من ملام المؤنب ... ولا من سلوٍ عن سليمى وزينب .
سوى زاجرات الحلم إذ وضحت له ... حواشي صبحٍ في دياجر غيهب .
وطار غراب الجهل عن روض رأسه ... وكلت قلوص الراكب المتحوب .
وقضيت أوطار الشبيبة والصبا ... سوى رشفةٍ من بارد الظلم أشنب .
قلت : شعر جيد من ساكن بادية ولكن الغراب ما هو من طيور الروض .
أمين الدولة وزير الصالح .
أبو الحسن بن غزال الطبيب كان سامرياً ثم أسلم أمين الدولة الصاحب كمال الدين وزير الصالح إسماعيل .
قال أبو المظفر : ما كان لا سامرياً ولا مسلماً بل كان يتستر بالإسلام ويبالغ في هدم الدين ولقد بلغني عن الشيخ إسماعيل الكوراني أنه قال له : لو بقيت على دينك كان أصلح لك لأنك تتمسك بدين في الجملة أما الآن فأنت مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء .
قال : وآخر أمره شنق بمصر وظهر له من الأموال والجواهر ما لا يوصف وبلغني أن قيمة ما ظهر له ثلاثة آلاف ألف دينار ووجد له عشرة آلاف مجلدة من الكتب النفيسة .
قال الشيخ شمس الدين : وإليه تنسب المدرسة الأمينية ببعلبك .
حبس بقلعة مصر مدة ولما جاء الخبر الذي لم يتم بأخذ الملك الناصر صاحب الشام الديار المصرية كان السامري في الجب هو وناصر الدين بن يغمور وسيف الدين القيمري والخوارزمي صهر الناصر فخرجوا من الجب وعصوا في القلعة ولم يوافقهم القيمري بل جاء وقعد على باب الدار التي فيها حرم عز الدين أيبك التركماني وحماها وأما أولئك فصاحوا بشعار الناصر ثم كانت الكرة للترك الصالحية فجاءوا وفتحوا القلعة وشنقوا أمين الدولة وابن يغمور .
وكان المهذب السامري وزير الأمجد عمه . وكان ذكياً فطناً داهيةً شيطاناً ماهراً في الطب عالج الأمجد واحتشم في أيامه ولما ملك الصالح إسماعيل بعلبك وزر له ودبر ملكه . فلما غلب على دمشق استقل بتدبير المملكة وحصل لمخدومه أموالاً عظيمة وعسف وظلم ولما عجز الصالح عن دمشق وتسلمها الصالح أيوب احتاطوا على أمين الدولة واستصفوا أمواله وبعثوه إلى قلعة مصر وحبسوه فبقي محبوساً خمس سنين ثم شنق سنة ثمان وأربعين وستمائة .
وقد ذكره ابن أبي أصيبعة في تاريخ الأطباء وطول في ترجمته وذكر أنه طلب منه نسخةً من تاريخه وأنه كتب له نسخة وحملها إليه فأرسل إليه المال الجزيل والخلع الفاخرة وشكره .
وكان ابن أبي أصيبعة قد مدحه بقصيدة جهزها إليه مع الكتاب ؛ أولها : من الوافر .
فؤادي في محبتهم أسير ... وأنى سار ركبهم يسير .
منها : من الوافر .
وإن أشك الزمان فإن ذخري ... أمين الدولة المولى الوزير .
تسامى في سماء المجد حتى ... تأثر تحت أخمصه الأثير