دنانير أعطتكها راحةٌ ... سواد الخضاب بها قد نصل .
ومنه قوله : من الطويل .
ألا سقنيها والثريا كأنما ... كواكبها في جوها غصن مشمش .
ومنه : من المتقارب .
غدير تدرج أمواجه ... هبوب الرياح ومر الصبا .
إذا الشمس من فوقه أشرقت ... توهمته زرداً مذهبا .
ومنه : من الطويل .
ألست ترى وشي الرياض المنمنما ... وما رصع الربعي فيه ونظما .
وقد حكت الأرض السماء بنورها ... فلم أدر في التشبيه أيهما السما .
فخضرتها كالجو في حسن لونه ... ونوارها يحكي لعينيك أنجما .
ومنه في زهر الكتان والسلجم : من المنسرح .
وهز كتانه ذوائبه ... ففيه جهد الصفات تقصير .
كأنه بسط سندس بهجٍ ... قد نثرت فوقه دنانير .
وطلعٍ هتكنا عنه جيب قميصه ... فيا حسنه من منظرٍ حين هتكا .
حكى صدر خودٍ من بني الروم هزها ... سماعٌ فشقت عنه ثوباً مفركا .
وابن وكيع هو نافلة محمد بن خلف الضبي القاضي البغدادي وقد تقدم ذكره في المحمدين .
صاحب أفريقية .
الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس بن المنصور ابن بلكين بن زيري بن منادٍ الأمير أبو يحيى ابن الأمير أبي الحسن ابن الأمير أبي طاهر المعز ابن الأمير أصحاب أفريقية وما والاها قد تقدم ذكر جده الأكبر تميم في حرف التاء وسيأتي ذكر أبيه علي وذكر جده يحيى وذكر تميم وذكر المعز كل واحد منهم في مكانه إن شاء الله تعالى وأما جده الأكبر باديس فقد تقدم في حرف الباء .
توفي والده علي بن يحيى سنة خمس عشرة وخمسمائة بعدما قوض الأمر إلى ولده أبي يحيى هذا ومولده بمدينة سوسة في شهر رجب سنة اثنتين وخمسمائة وكانت ولايته وعمره اثنتا عشرة سنة وتسعة أشهر وركب والجيوش به محتفة .
وجرت في أيامه حروب ووقائع يطول شرحها من ذلك : رجاء الفرنجي صاحب صقلية أخذ طرابلس الغرب بالسيف عنوةً سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وقتل أهلها وسبى الحريم والأطفال وأخذ الأموال ثم عمرها وحصنها بالرجال والعدد ثم أخذ المهدية سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ؛ لأن الحسن هذا لما علم بعجزه عن مقاومته خرج من المهدية هارباً واستصحب ما خف حمله من النفائس وهرب أهل البلد أيضاً إلا من عجز فملكها الفرنج وتوجه الحسن هذا إلى قلعة المعلقة وهي حصينة بإفريقية تجاور تونس وصاحبها محرز بن زياد أحد أمراء العرب فأقام عنده قليلاً وظهر له منه الضجر فعزم على القصد إلى الديار المصرية ؛ ليكون عند الحافظ العبيدي . فبلغ الخبر رجاراً فجعل عشرين شينياً في البحر عيناً عليه لإمساكه .
فرجع الحسن عن هذا وأراد التوجه إلى عبد المؤمن بن علي بمراكش وجهز ثلاثة من أولاده إلى صاحب بجاية وهي آخر أعمال أفريقية يستأذنه في الوصول إليه وبعد ذلك يتوجه إلى عبد المؤمن فأضمر له الغدر وخاف من اجتماعه بعبد المؤمن أن يتفقا عليه فكتب على يد أولاده إليه : لا حاجة لك في الرواح إلى عبد المؤمن . ونحن نفعل معك ونصنع وأجزل له المواعيد الحسنة فتوجه إليه فلما قرب من بجاية لم يخرج للقائه وعدل به إلى الجزائر وهي بلدة فوق بجاية من جهة الغرب وأنزلوه بها في مكان لا يليق بمثله ورتبوا له من الإقامة ما لا يكفي بعض أتباعه ومنعوه من التصرف .
وكان وصوله إلى الجزائر في المحرم سنة أربع وأربعين وخمسمائة .
ثم إن عبد المؤمن فتح بجاية سنة سبع وأربعين وخمسمائة وهرب صاحبها إلى قسطنطينة وهلك رجار ثم إن عبد المؤمن وصل إلى المهدية وملكها بعد جهد جهيد سنة خمسين وخمسمائة وولى بها نائباً .
وكان الحسن هذا قد وصل معه فرتبه مع النائب لتدبيرها لكونه عارفاً بحالها وأقطعه بها ضيعتين وأعطاه دوراً يسكنها هو وأولاده فسبحان من لا يزول ملكه ولا يحول