له معرفة بالفقه والعربية ومشاركة في الحديث والتاريخ ولم يزل حريصاً على العلم والتحصيل وهو والد شمس الدين محمد الغوري تقدم ذكره في المحمدين . وتوفي ظهير الدين سنة خمس وتسعين وستمائة .
ابن رواحة الحموي .
الحسين بن عبد الله بن رواحة أبو علي الأنصاري الحموي الفقيه الشافعي الشاعر ابن خطيب حماه . ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة وتوفي سنة خمس وثمانين وخمسمائة .
سمع بدمشق من أبي المظفر الفلكي وأبي الحسن علي بن سليمان المرادي والصائن هبة الله وجماعة .
ووقع في أسر الفرنج وبقي عندهم مدةً وولد له بجزائر البحر : عز الدين عبد الله وقدم به الإسكندرية وسمعه الكثير من السلفي .
وكان قد سافر في البحر إلى الغرب فأسر ثم خلصه الله تعالى وحصلت له الشهادة على عكا . ومن شعره : من السريع .
يا قلب دع عنك الهوى قسرا ... ما أنت منه حامداً أمرا .
أضعت دنياي بهجرانه ... إن نلت وصلاً ضاعت الأخرى .
وعكسه فقال : من مجزوء الكامل .
لاموا عليك وما دروا ... أن الهوى سبب السعاده .
إن كان وصلٌ فالمنى ... أو كان هجرٌ فالشهاده .
ومن شعره : من مخلع البسيط .
إن كان يحلو لديك قتلي ... فزد من الهجر في عذابي .
عسى يطيل الوقوف بيني ... وبينك الله في الحساب .
وذكرت هنا ما قلته في هذا المعنى : من البسيط .
زدني عذاباً ولا تترك لجارحةٍ ... مني حراكاً وخذ روحي وجثماني .
عساك في الحشر لما أن يطول غداً ... حسابنا تتملى منك أجفاني .
ومن شعر ابن رواحة : من الكامل .
قل للروافض إنكم في سبكم ... أهل الهدى في حبكم علم الهدى .
مثل النصارى لا نسب لأجلهم ... عيسى وقد سبوا النبي محمدا .
ومنه في مليح اسمه إبراهيم : من الرمل .
صدني بعد اقترابٍ وجفاني ... قمرٌ يخجل منه القمران .
لست أدعو باسمه ضناً به ... غير أني بالذي أخفيه دان .
ظمئي فيه ظما آخره ... ليتني أوله مما عراني .
ومنه في مليح اسمه مبارك : من الطويل .
وأغيد لا تحكي الأسنة لحظه ... ولا يملك الخطى ليناً بقده .
تألفني قرب السقام لبعده ... خالفني وصل الغرام بصده .
صباحي إذا ما زارني فيه مثله ... وعيشي إذا ما صد عني بضده .
ومنه في مليح اسمه إلياس : من السريع .
أتيت من أهواه عكس اسمه ... فلم أنل منه سوى الاسم .
وكلما أطمعني ضده ... عاد به التيه إلى الرسم .
ومنه في هجو إنسان بمصر : من الخفيف .
أحكمت عرسه ضروب الأغاني ... من ثقيلٍ في رأسه وخفيف .
وتمنت عليه كل الملاهي ... غيره وحده لمعنىً لطيف .
فقضيباً لاسمٍ وناياً لشكلٍ ... ورباباً للجر والتصحيف .
ومنه : من الوافر .
أيحسن بعد ظنك حسن ظني ... وأجمع بين يأسي والتمني .
وما نفعي بعطفك بعد فوتٍ ... كرقة شامتٍ من بعد دفن .
أأطمع أن أكون شهيد حبٍّ ... فأصحب منك حورياً بعدن .
ملكت علي أجفاني وقلبي ... فأبعدت الكرى والعذل عني .
فكم أرعيت غير اللوم سمعي ... وكم أرعيت غير النوم جفني .
صددت وما سوى إفراط وجدي ... لك الداعي إلى فرط التجني .
لقد أبديت لي في كل حسنٍ ... ضروباً أبدعت لي كل حزن .
فكم فنٍّ من البلوى عراني ... لعشق الوصف منك بكل فن .
كأنك رمت أن أسلوك حتى ... أقمت الشبه في بدرٍ وغصن .
فألبس وجهك الأقمار تماً ... وعلم قدك البان التثني .
رماني في هواك طماح طرفي ... إلى حسنٍ فأخلف فيه ظني .
فكم دمعٍ حملت عليه عيني ... وكم ندمٍ قرعت عليه سني .
غدرت وما رأيت سوى وفاءٍ ... فهلا قبل يغلق فيك رهني .
أقمت الموت لي رصداً فأخشى ... زيارته وإن يك لم يزرني