أنا سبط النبيِّ وابن عليٍّ ... شرفٌ شامخٌ لأربع ذروه .
وإذا ما اعتراني الدَّهر بالعد ... وإن أمسكت منهما أيَّ عروه .
البغويّ الشَّافعيّ .
الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بالفرّاء البغويّ الفقيه الشافعيّ المحدِّث المفسِّر . كان بحراً في العلوم وأخذ الفقه عن القاضي حسين بن محمد . وصنَّف التفسير المشهور وأوضح المشكلات من قول النبي A . وروى الحديث ودرَّس . وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارةٍ . وصنَّف التهذيب في الفقه وكتاب شرح السُّنَّة في الحديث والمصابيح جمع بين الصحيحين وغير ذلك . وتوفي بمرو الرُّوذسنة ستة عشر وخمس مائةٍ ودفن عند شيخه القاضي حسين بمقبرة الطالقان . وماتت له زوجة فلم يأخذ من ميراثها شيئاً . وكان يأكل الخبز البحث فعذل في ذلك . فصار يأكله بالزيت .
الأسديّ .
الحسين بن مطيرٍ تصغير مطر الأسديّ . من فحول الشّعراء . مدح الدولتين وله مدائح في المهديّ . وتوفي في حدود السّبعين ومائة . قال صاحب الأغاني : هو مولى بني سعد بن مالك من بني أسد . وهو يذهب مذهب الأعراب . وكان من ساكني ربالة . وقال يمدح المهديّ : من الطويل .
إليك أمير المؤمنين تعسَّفت ... بي البيد هوجاء النَّجاء خبوب .
ولو لم يكن قدَّامها ما تقاذفت ... جبالٌ بها مغبرَّةٌ وسهوب .
فتىً هو من غير التخلُّق ماجدٌ ... ومن غير تأديب الرِّجال أديب .
علا خلقه خلق الرِّجال وخلقه ... إذا ضاق أخلاق الرِّجال رحيب .
إذا شاهد القواد سار أمامهم ... جرىءٌ على ما يتَّقون وثوب .
وإن غاب عنهم شاهدتهم مهابة ... بها تقهر الأعداء حين يغيب .
يعفُّ ويستحيي إذا كان خالياً ... كما عفَّ واستحيى بحيث رقيب .
فلما أنشدها المهدي أمر له بسبعين ألف درهم وحصان جواد . ودخل عليه أيضاً فأنشده : من البسط .
لو يعبد الناس يا مهدي أفضلهم ... ما كان في الناس إلا أنت معبود .
أضحت يمينك من جودٍ مصوَّرة ... لا بل يمينك منها صوِّر الجود .
لو أنَّ من نوره مثقال خردلةٍ ... في السُّود طرّاً إذاً لا بيضَّت السُّود .
وقال يرثي معن بن زائدة : من الطويل .
ألمَّا على معنٍ وقولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعاً ثم مربعا .
أيا قبر معنٍ أنت أوَّل حفرةٍ ... من الأرض خطُّت للسَّماحة مضجعا .
ويا قبر معين كيف واريت جوده ... وقد كان منه البر والبحر مترعا .
بلى قد وسعت الجود والجود ميِّتٌ ... ولو كان حيّاً ضقت حتى تصدَّعا .
فتىً عيش في معروفه بعد موته ... كما كان بعد السَّيل مجراه مرتعا .
أبى ذكر معنٍ أن تموت فعاله ... وإن كان قد لاقى حماماً ومصرعا .
وولي المدينة والٍ فدخل عليه ابن مطيرٍ فقيل له : هذا أشعر الناس . فأراد أن يختبره وقد كانت سحابة مكفهرّة نشأت . وتتابع منها الرَّعد والبرق وجاءت بمطرٍ جودٍ . فقال له : صف هذه فقال : من الكامل .
مستضحكٌ بلوامعٍ مستعبرٌ ... بمدامعٍ لم تمرها الأقذاء .
فله بلا حزنٍ ولا بسمرَّةٍ ... ضحكٌ يراوح بينه وبكاء .
كثرت لكثرة ودقه أطباؤه ... فإذا تحلَّب فاضت الأطباء .
وكأنَّ بارقه حريقٌ يلتقي ... ريحٌ عليه وعرفجٌ آلاء .
لو كان من لجج السَّواحل ماؤه ... لم يبق في لجج السَّواحل ماء .
ومن شعره قوله : من الطويل .
فيا عجباً للنَّاس يستشرفونني ... كأن لم يروا بعدي محباً ولا قبلي .
يقولون لي : اصرم يرجع العقل كله ... وصرم حبيب النَّفس أذهب للعقل .
ويا عجباً من حبِّ من هو قاتلي ... كأنِّي أجزيه المودَّة من قتلي .
ومن بيِّنات الحبِّ إن كان أهلها ... أحبَّ إلى قلبي وعينيَّ من أهلي .
ومن شعر ابن مطير : من الطويل .
وقد تعذر الدّنيا فيضحي غنيُّها ... فقيراً ويغنى بعد بؤسٍ فقيرها