فإن أهلك أنا ووليُّ عهدي ... فمروان أمير المؤمنينا .
وبهذا البيت احتجَّ مروان في طلب الخلافة . وكان بنو مروان يرون أنَّ ذهاب ملكهم على يد خليفةٍ منهم ابن أمِّ ولد . وكان الحكم ويزيد بن الوليد ومروان بن محمد كلُّهم أولاد أمَّهات أولاد .
حكم الوادي المغني .
الحكم بن ميمون ويقال أن يحيى بن ميمون أبو يحيى الفارسيّ المعروف بحكم الوادي . من أهل وادي القرى مولي عبد الملك وقيل مولى ابنة الوليد . كان مع الوليد بن يزيد لما قتل والأظهر أنه كان معه عمر الوادي . وقد الحكم مع إبراهيم بن المهديّ لما ولي دمشق واستوهبه صحبته من الرشيد . وكان حسن الصّوت والنَّقر وكان من أحسن الناس خلقاً . وكان ابن جندب الهذليّ يسميِّه وأصحابه القصّارين أي أنهم يقصرون الأشعار بالألحان .
المخزوميّ أحد الأجواد .
الحكم بن المطَّلب بن عبد الله بن المطَّلب القرشيّ المخزوميّ . كان من أجواد قريش من أهل المدينة . قدم منبج وسكنها مرابطاً إلى أن مات بها . حدَّث عن أبيه وأبي سعيد المقبريّ . وكان ممدَّحاً وكان من أبرِّ الناس بأبيه . وكان أبوه يؤثر أخاه الحارث بن المطلب على جميع إخوته وكان الحكم يطلب رضى أبيه في كل ما يريد مع أخيه الحارث . فاشترى الحكم جارية مشهورة الجمال بمالٍ كثير . فحين أراد الدخول عليها أمره أبوه أن يهبها للحارث أخيه ففعل . وفي الحكم يقول ابن هرمة : من الكامل .
إنَّ القرابة منك تأمل أهلها ... صلةً وتأمن غلظةً وعقوقا .
وكان قد استعمله بعض ولاة المدينة على بعض المساعي فلم يرفع شيئاً فقال له الوالي : أين الإبل والغنم ؟ فقال : أكلنا لحومها بالخبز قال : فأين الدنانير والدراهم ؟ قال : اعتقدنا بها الصنائع في رقاب الرجال فحبسه . فقال فيه بعض ولد نهيك الأنصاري : من الطويل .
خليليَّ إنَّ الجود في السِّجن فابكيا ... على الجود إذ سدَّت علينا مرافقه .
قيل لنصيب : هرم شعرك فقال : لا ولكن هرم الجود لقد مدحت الحكم بن المطلب فأعطاني أربع مائة شاة وأربع مائة دينار وأربع مائة ناقة . وقال قبيل موته : هذا ملك الموت يقول : إني بكلّ سخيّ رفيق . ومات عقيب كلامه .
القنطريّ .
الحكم بن موسى بن أبي زهير أبو صالح البغداديّ القنطريّ الزاهد . سمع بدمشق الوليد بن مسلم وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وغيرهما . وروى عنه مسلم في الصحيح وأبو داود وأحمد بن حنبل وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم . ورأى مالك بن أنس وتوفي سنة خمسٍ وثلاثين ومائتين وقيل سنة اثنتين وثلاثين ومائتين .
الخضريّ الشاعر .
الحكم بن معمر أبو منيع الخضريّ بضم الخاء المعجمة وسكون الضاد المعجمة والخضر ولد مالك بن طريف . وإنما سمّي الخضر لأن مالكاً كان شديد الأدمة وكذلك ولده فسموا الخضر بذلك . وكان الحكم شاعراً مجيداً . وكان يهاجي الرمَّاح بن ميادة المِّريّ فشكاه بني مرَّة إلى والي مكة . فتواعده فهرب إلى دمشق . امتدح أسود بن بلال المحاربيّ الداراني . مات بالشام غريقاً في بعض أنهاره . وكان مدَّاحاً لبني العوَّام حتى قال : من البسيط .
لو يعدل الموت في قومٍ لفضلهم ... ما مات من ولد العوَّام ديّار .
ابن قنبر البصريّ .
الحكم بن محمد بن قنبر المازني البصري . كان شاعراً ظريفاً من شعراء الدولة الهاشمية . قدم بغداد وكان يهاجي مسلم بن الوليد مدة ثم غلبه مسلم . اجتمعا يوماً في مسجد الرُّصافة يوم الجمعة وكان كل واحد منهما بأزاء صاحبه . فبدأ مسلم فأنشد قصيدته التي منها : من الطويل .
أنا النار في أحجارها مستكنَّةٌ ... فإن كنت ممَّن يقدح النار فاقدح .
وتلاه ابن قنبر فأنشد : من البسيط .
قد كدت تهوي وما قوسي بموترةٍ ... فكيف ظنُّك بي والقوس في وتر .
فوثب مسلم وتواخذا حتى حجز الناس بينهما فتفرَّقا . ومن شعره : من البسيط .
ويلي على من أطار النوم فامتنعا ... وزاد قلبي على أوجاعه وجعا .
ظبيٌ أغنُّ ترى في وجهه سرجاً ... تعشى العيون إذا ما نوره سطعا .
كأنما الشمس في أثوابه بزغت ... حسناً أو البدر في أردانه طلعا .
فقد نسيت الكرى من طول ما عطلت ... منه الجفون وطارت مهجتي قطعا .
قلت : شعر جيد