ابن البقشلام .
حمزة بن علي طلحة بن يوسف الرَّازي . أبو الفتوح المعروف بابن البقشلام بفتح الباء الموحّدة وسكون القاف بعدها شين معجمة وبعد اللام ألف لام يدعى كما الدّين . كانت أمه أرضعت المسترشد بلبنه وربي معه في الدار . فلما ولي الخلافة ولاَّه الحجبة بباب النُّوبيّ . ثم ولاَّه وكالته وجعله صدراً بالمخزن . وولاَّه النظر في أعماله وأعلى كلمته وفوَّض إليه الأحوال حتى دان له الخاصّ والعامّ وساوى الوزراء . ولما مات المسترشد وولي أخوه المقتفي أقرَّه على النظر بالمخزن ثم إنه حجَّ وعاد وغيَّر زيَّه واستعفى من الخدمة . فأعفي وجلس في بيته مكبّاً على العبادة . وبنى مدرسة شافعية ووقف عليها ثلث أملاكه . وكان من محاسن الزمان . وقال فيه أبو الحسن ابن الخل الفقيه : من السريع .
يا عضد الإسلام يا من سمت ... إلى العلى همَّته الفاخره .
كانت لك الدُّنيا فلم ترضها ... ملكاً مأخلدت إلى الآخره .
توفي سنة ست وخمسين وحمس مائة .
الأشرف الكاتب المصريّ .
حمزة بن علي بن عثمان بن يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم بن أحمد بن يعقوب بن مسلم بن منبِّه القرشيّ المخزوميّ أبو القاسم الكاتب من ولد عبد الله بن أبي ربيعة المخزوميّ يلقَّب بالأشرف . من أهل مصر . كان والده صاحب ديوان مصر أيام المصريين وولي هو الديوان أيام صلاح الدّين . وكان كاتباً سديداً حاذقاً بليغاً له نظم ونثر . وكان ينشىء الكتاب من أسفله إلى أعلاه على أحسن ما يكون من غير توقُّف واشتهر بذلك . وسمع الكثير من السِّلفيّ ومن دونه بالديِّار المصرية . وحصَّل الأصول الملاح وخاف من ابن شكر وزير العادل أن يقصده بأذىً . فهرب إلى الشام واتصل بخدمة الظّاهر صاحب حلب فأكرم نزله . وكان يراسل به الأطرتاف وأرسله مرَّتين إلى بغداد . وتوفي فجاءة بالقاهرة سنة خمس عشرة وست مائة . ومن شعره : من البسيط .
زيادة الطُّول نقصٌ ظاهر الأثر ... وقد سرى ذاك حتى كان في الشَّجر .
أنظر إلى الحور لما عاد معتلياً ... كيف اعتذى وهو خال الغصن من ثمر .
نجم الدّين الأصفونيّ .
حمزة بن محمد بن هبة الله بن عبد المنعم الصَّاحب نجم الدين بن الأصفوني . سمع من الشيخ تقيّ الدّين القشيريّ . وحضر مجلس إملائه سنة تسعٍ وخمسين وست مائة بقوص . وتنقَّل في الخدم الدّيوانية ثم تولَّى النَّظر بمصر أيام المنصور قلاوون . يقال أن الشُّجاعيّ دسَّ عليه أحد عبيده . وكان الصَّاحب نجم الدين يثقق إليه ويأكل من يده فأعطاه الشُّجاعيّ مائة دينارٍ وقال : أشتهي منك أنك تدافع مخدومك عن الأكل حتى يناله الجوع . فإذا طلب منك شيئاً يأكله ادفع إليه هذه الكعكة ففعل ذلك فكانت منيته فيها . ولما مات أوَّل ما طلب الشُّجاعيّ ذلك اعبد وقتله بالمقارع وأخذ المائة دينار وغيرها منه . وكان نجم الدين يحب القرآن والحديث . لما مات تطلَّب الشُّجاعيّ أصحابه ومعارفه بكلّ مكان . وكان من جملتهم شرف الدين محمد النّصيبي فهرب منه مدَّةً . ثم كتب إلى الشُّجاعي هذه الأبيات : من الكامل .
دع عنك عذلي يا عذولي فإن بي ... من فرقة الأحباب ما يكفيني .
لا تلح في حزني وفيض مدامعي ... القلب قلبي والجفون جفوني .
أنكرت مني غير وقفة ساعةٍ ... والرَّكب مرتحلٌ أبثُّ شجوني .
هي وقفةٌ قصرت وطال بلاؤها ... فكأنما هي دولة الأصفوني .
يا حمزة بن محمدٍ ألقيتنا ... في ذلِّ أحزانٍ وضيق سجون .
لم تمش هوناً في الأمور فكلُّنا ... من شؤم رأيك في عذاب الهون .
ما بين مطرودٍ عن الأوطان لا ... يأوي بها حقّاً وبين رهين .
تجني ونؤخذ بالجناية هكذا ... العقلاء مأخوذون بالمجنون .
فلما وقف عليها الشُّجاعيّ أمَّنه وأمره بالظُّهور ولم يتعرَّض إليه . وكان قدحصل بينه وبين أبي طالب بن النّابلسيّ صورة فقال كمال الدِّين محمد بن بشائر القوصيّ الإخميميّ : من الطويل .
أبا طالبٍ ما أنت قرنٌ لحمزةٍ ... لأنكما في الدِّين مختلفان .
دعاك النبيُّ الهاشميُّ فلم تجب ... وحمزة لبَّاه بكلِّ لسان