يحكى أنه كان يحفظ في تعبير الرُّويا عشرة آلاف ورقة وثلاث مائة ونيِّف وسبعين ورقة . توفي سنة تسع وسبعين وأربع مائة .
ابن الصّوفيِّ الوزير .
حيدرة بن المفرّج بن الحسن الوزير زين الدولة ابن الصُّوفي أخو الرئيس الوزير مسيَّب . لم يزل حتى عمل على أخيه وقلعه من وزارة صاحب دمشق مجير الدّين . وولي منصبه فأساء السيرة وظلم وعسف وارتشى ومقت . وبلغ ذلك مجير الدين فطلبه إلى القلعة على العادة فعدل به الجاندارية إلى الحمَّام وذبح صبراً . ونصب رأسه على حافة الخندق وذلك سنة ثمانٍ وأربعين وخمس مائة . وطيف برأسه والناس يعلنون بلعنته ويصفون أنواع ظلمه وتفنُّنه في الفساد ومقاسمته اللُّصوص وقطَّاع الطريق على أموال الناس المستباحة . وزحف العوامُّ والغوغاء على منازله ومخازنه وغلاّته وأثاثه وذخائره فانتبهوا منها ما لا يحصى وغلبوا أعوان السلطان بالكثرة . وسيأتي ذكر أخيه مؤيد الدولة المسيَّب في حرف الميم .
أبو الحسن الصعَّاني .
حيدرة بن عمر بن الحسن بن الخطاب أبو الحسن الصغَّاني . كان من أعيان الفقهاء على مذهب داود بن علي . أخذ الفقه عن أبي الحسن عبد الله بن أحمد بن المغلِّس وعنه الفقهاء الدّاودية ببغداد . وله مختصر في مذهب داود وكتاب آخر عمله على الجامع الصغير لمحمد بن الحسن . وقد حدَّث عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن عقبة الشّيبانيّ وأبي الحسن بن المغلِّس وغيرهما وتوفي سنة ثمانٍ وخمسين وثلاث مائة .
الرَّضيّ النَّقيب .
حيدرة بن المعمَّر بن محمد بن المعمَّر بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبيد الله . ينتهي إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي الطالب أبو الفتوح ابن النَّقيب الطَّاهر أبي الغنائم كان يلَّقب بالرِّضي . حفظ القرآن في صباه وقرأ الأدب وسمع من أبي الحسين المبارك بن عبد الجبَّار الصَّيرفي وغيره وكتب بخطه مليحاً بعد وفاة أبيه . وكان شاباً سرياً مليح الصورة رائع الشباب ظريف المعاني اخترمته المنيَّة في عنفوان شبابه . توفي سنة اثنتين وخمس مائة .
سراج الدّين ابن الغمر القوصيّ .
حيدرة بن الحسن بن حيدرة بن علي بن أحمد بن الغمر القاضي أبو المناقب سراج الدين القوصيّ . قال كمال الدين الأدفوي جعفر : كان عالماً فاضلاً حاكماً بالأعمال القوصيّة . روى عنه السّخاوي والحسن بن محمد بن الذّهبي وغيرهما . قال السخاوي : أنسدنا ابن الغمر لنفسه في خامس شوّالٍ سنة ثلاثٍ وثلاثين وخمس مائةٍ بقوص يرثي قزّازاً : من الطويل .
بكى فقدك المكُّوك والمقبض السِّنط ... وناح عليك النِّير والتَّخت والمشط .
وأعولت الألطاخ والمغزل الذي ... تدوِّره فيها أناملك السُّبط .
أنامل لم تخلق لشيءٍ سوى السَّدى ... أو اللَّقط والتَّنخليص يا حبَّذا اللَّقط .
منها : .
سقى وابل الوسميِّ قبرك دائماً ... فما كنت ذا حيفٍ وما كنت تشتطُّ .
فما تنتج الأيّام مثلك آخراً ... إلى أن يبيض الذِّيب أو ينبح البطُّ .
ومن شعره أيضاً : .
تبكي المواسير والألطاخ والبكر ... على ابن سمرة لما اغتاله القدر .
والمشط يندب والمتِّيت يسعده ... وحقَّ للنَّول أن يبكيه والحفر .
إذا استوى فوق ظهر النَّول وانبسطت ... رجلاه في الزَّرزرايا وهو متَّزر .
وصابرت يده المكُّوك واختلفت ... يسراه مقبضها والنِّير منحدر .
فما المهلهل أو سيف بن ذي يزنٍ ... أو من ربيعة في الهيجاء أو زفر .
كأنما مغزل الألطاخ في يده ... إذا تناوله صمصامةٌ ذكر .
ومن شعره يرثي ملاَّحاً : من الخفيف .
من لجرِّ اللَّبان في النَّعلين ... ولإلقا المرسى على الأنبطين .
واعتقال المدرا وقد سكن الرّي ... ح بزعم السُّفَّار في تشرين .
والمجاذيف من بها مستقلّ ... بعدما قد أتاك ريب المنون .
من يلالي لصحبه كلّ وقتٍ ... بنشيدٍ جزلٍ وصوتٍ حزين .
يطرب الأروع الحليم فيلهو ... ويسلِّي بالحسِّ لبَّ الحزين