الخضر بن أبي بكر بن أحمد القاضي كمال الدين الكردي قاضي المقس . قال قطب الدين : كان محترماً عند المعزِّ فعلق به حب الرياسة فصنع خاتماً وجعل تحت فصّه وريقةً فيها أسماء جماعة عندهم فيما زعم ودائع للفائزي . وادَّعى أن الخاتم للفائزي وأظهر بذلك التقرُّب إلى السلطان . ودخل في أذيّة النّاس وجرت خطوب . ثم وضح أمره فحبس وصفع فقال فيه بعض شعراء عصره وقد صفع : من الرجز .
ما وفِّق الكمال في أفعاله ... كلا ولا سدِّد في أقواله .
يقول من أبصره يصكُّ تأ ... ديباً على ما كان من محاله .
قد كان مكتوباً على جبينه ... فقلت : لا بل كان في قذاله .
وكان في الحبس شخص يدّعي أنه من أولاد الخلفاء مات وله ولد في الحبس فلما خرج الكرديّ شرع في السّعي لولده . وتحدّث مع جماعة من الأعيان وكتب مناشير وتواقيع بأمور واّتخذ بنوداً . فبلغ الخبر السلطان فشنق وعلِّقت البنود والتواقيع في حلقه وذلك سنة ستين وست مائة .
سعد الدين ابن شيخ الشيوخ .
الخضر ويسمَّى مسعود بن عبد السّلام ويسمَّى أبو عبد الله بن عمر بن علي ابن حمُّوية الشيخ الكبير سعد الدين أبو سعد ابن شيخ الشُّيوخ تاج الدين أخو شيخ الشيوخ شرف الدين . ولد سنة اثنتين وتسعين وخمس مائة وتوفي سنة أربع وتسعين وستّ مائة . وسمع من ابن طبرزد والكندي وجماعةٍ وأجاز له ابن كليبٍ وأبو الفرج ابن الجوزي وابن المعطوش وعبد الله بن أبي المجد الحربيّ . وخدم في شبيبته وتعانى الجنديّة مع بني عمه الأمراء الأربعة ثم تصوُّف ولبس البقيار وأمه من ذرية أبي القاسم القشيريّ . وجمع تاريخاً في مجلدين وكان لديه فضيلة وله شعر . ومرض أواخر عمره وقلَّ بصره . روى عنه ابن الخبّاز وابن العطّار والدَّواداري وجماعة . قال الشيخ شمس الدين : وأجاز لي مروياته وكان يشارك أخاه في المشيخة . ومن شعره : .
شيخ الملك الظّاهر .
خضر بن أبي بكر بن موسى المهرانيّ العدويّ الشيخ المشهور شيخ الملك الظّاهر . كان صاحب حال ونفس ومؤثّرة وهمة وحال كاهنيّ . أخبر الظاهر بسلطنته قبل وقوعها فلهذا كان يعظمِّه وينزل إلى زيارته مرةً ومرّتين وثلاثةً ويطلعه على غوامض أسراره ويستصحبه في أسفاره . سأله وهو محاصر أرسوف : حتى تؤخذ ؟ فعيَّن له اليوم فوافق ذلك وكذلك صفد وقيسارية .
ولما عاد إلى الكرك سنة خمسٍ وستين استشاره في قصده فأشار عليه أن لا يقصدها ويتوجّه إلى مصر فخالفه وتوجَّه فوقع عند بركة زيزا وانكسرت فخذه . وقال في بعلبكَّ والظاهر على حصن الأكراد : يأخذه السلطان بعد أربعين يوماً فوافق ذلك . ولما توجّه السلطان إلى الروم كان الشيخ خضر في الحبس فأخبر أن السلطان يظفر ويعود إلى دمشق وأموت ويموت بعدي بعشرين يوماً فاتفق ذلك . نقم السُّلطان عليه وأحضر من حاققه على أمور لا تصدر من مسلم فأشاروا بقتله . فقال هو للسلطان : أنا أجلي قريب من أجلك وبيني وبينك أيام يسيرة فوجم لها السلطان وتوقف في قتله وحبسه وضيَّق عليه لكنه كان يرسل إليه الأطعمة الفاخرة والملابس . وكان حبسه في شوّال سنة إحدى وسبعين .
ولما وصل الظاهر من الروم إلى دمشق كتب إلى مصر بإخراجه فوصل البريد بعد موته . وكان قد بنى له عدة زوايا في عدة بلاد وكان كل أحدٍ يتَّقي جانبه حتى الصّاحب بهاء الدين بن حنَّى وبيليك الخزندار . وإذا كتب ورقةً يقول : من خضر نيَّاك الحمارة . وأخرج من السجن ميتاً وحمل إلى الحسينية ودفن بزاويته