وقدم عليه عز الدين الكولمي ومعه من الحرير والمسك والصيني ما أدّى عنه لصاحب اليمن ثلاث مائة ألف درهم . وأنشأ المؤيد قصراً عديم المثل بديع الحسن . ولما مات تولّى ابنه المجاهد واضطرب أمر اليمن مدةً وتمكن الملك الظاهر ابن المنصور قبضوا على المجاهد . ثم مات المنصور وكان ديِّناً رحيماً . ثم ثار أمراء مع المجاهد واستولى على قلعة تعز ثم قوي أمره وجرت على الرعيّة من النهب وافتضاض الأبكار مجارٍ عظيمة لا يعبَّر عنها ودام الحرب بين الظاهر والمجاهد وآل الأمر إلى أن استقل الظاهر وبقيت تعز بيد المجاهد فحوصر مدةً وخربت لذلك تعز خراباً لا يتدارك . ثم تمكن المجاهد وأباد أضداده . قال الشيخ تاج الدين عبد الباقي اليمني يمدح الملك المؤيّد هزبر الدين الدين وقد ركب فيلاً ومن خطه نقلت : من البسيط .
الله أولاك يا داود مكرمةً ... ورتبةً ما أتاها قبل سلطان .
ركبت فيلاً وظل الفيل ذا رهجٍ ... مستبشراً وهو بالسُّلطان فرحان .
لك الإله أذلَّ الوحش أجمعه ... هل أنت داود فيه أم سليمان .
وقال يمدحه لما بنى القصر الذي بظاهر زبيد ومن خطه نقلت : من البسيط .
يا ناظم الشعر في نعمٍ ونعمان ... وذاكر العهد من لبنى ولبنان .
ومعمل الفكر في ليلى وليلتها ... بالسَّفح من عقدات الضّال والبان .
قصِّر فبالعلوِّ من وادي زبيد علاً ... عالي المنار عظيم القدر والشان .
به التغزل أحلى ما يرى بهجاً ... فدع حديث لييلاتٍ بعسفان .
قصرٌ بناه هزبر الدين مفتخراً ... وشاد ذلك بانٍ أيُّما بان .
هذا الخورنق بل هذا السَّدير أتى ... في عصر داود لا في عصر نعمان .
فقف براحته تنظر لها عجباً ... كم راحةٍ هطلت فيه بإحسان .
أنسى بإيوانه كسرى فلا خبرٌ ... من بعد ذلك عن كسى لإيوان .
سامى النجوم علاءً فهي راجعةٌ ... عن السُّموِّ لإيوان ابن حسّان .
تودُّ فيه الثريا لو بدت سرجاً ... مثل الريا به في بعض أركان .
يحفُّه دوح زهرٍ كلُّه عجبٌ ... كم فيه من فننٍ زاهٍ بأفنان .
وهي طويلة اقتصرت منها على هذا القدر .
أبو الفتح الكاتب .
داود بن يونس بن الحسن بن سليمان الأنصاري أبو الفتح ابن أبي الحارث الكاتب . ولي الأشراف بديوان الزمام سنة ست وسبعين وخمس مائة ثم ولي النظر بديوان الزمان والصدرية به سنة سبع وسبعين وخمس مائة وعزل سنة تسع وسبعين ولم يزل لازماً لبيته إلى حين وفاته سنة ست عشرة وست مائة . وكان صدراً نبيلاً مهيباً مليح الشيبة متديّناً صالحاً فاضلاً محباً لأهل الخير . وسمع من أبي منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين وأبي المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري وأبي العباس أحمد بن عبد الله بن مرزوقٍ الأصبهاني وغيرهم . كتب عن محبّ الدين بن النجار .
الألقاب .
الداوودي البوشنجي : عبد الرحمن بن محمد .
صاحب السُّنن .
أبو داود صاحب السنن أحد الكتب الستة . اسمه : سليمان بن الأشعث يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف السين في مكانه .
الطبيب النصراني