زنجويه بن محمد بن الحسن الزاهد أبو محمد النيسابوري اللباد أحد المجتهدين في العبادة . سمع محمد بن رافع ومحمد بن أسلم والحسن بن عيسى البسطامي وحميد بن الربيع والرمادي .
وروى عنه أبو علي الحافظ وأبو الفضل إبراهيم الهاشمي وأبو محمد المخلدي .
وتوفي سنة ثمان عشرة وثلاث مائة .
أبو دلامة .
زند - بالنون بعد الزاي ساكنة - بن الجون هو أبو دلامة - بضم الدال . كان صاحب نوادر وأخبار وأدب ونظم وكان عبداً أسود . توفي سنة إحدى وستين ومائة .
توفي للمنصور ابنة عم فحضر جنازتها وجلس لدفنها وهو متألم لفقدها كئيب عليها . فأقبل أبو دلامة وجلس قريباً منه . فقال له المنصور : ويحك ما أعددت لهذا المكان ؟ وأشار إلى القبر . فقال : ابنة عم أمير المؤمنين . فضحك المنصور حتى استلقى ثم قال له : ويحك فضحتنا بين الناس .
وكان روح بن حاتم المهلبي والياً على البصرة . فخرج إلى حرب الجيوش الخراسانية ومعه أبو دلامة . فخرج في صف العدو مبارز فخرج إليه جماعة فقتلهم . فتقدم روح إلى أبي دلامة بمبارزته فامتنع فألزمه فاستعفاه فلم يعفه . فأنشده أبو دلامة : من البسيط .
إني أعوذ بروح أن يقدمني ... إلى القتال فيخزى بي بنو أسد .
إن المهلب حب الموت أورثكم ... ولم أرث أنا حب الموت عن أحد .
إن الدنو إلى الأعداء أعلمه ... مما يفرق بين المرء والجسد .
فأقسم عليه ليخرجن وقال : ولم تأخذ رزق السلطان ؟ قال : لأقاتل عنه . قال : فما لك لا تبرز إلى عدو الله ؟ فقال : أيها الأمير إن خرجت إليه لحقت بمن مضى وما الشرط أن أقتل عن السلطان بل أقاتل عنه .
فحلف روح ليخرجن إليه فيقتله أو يأسره أو يقتل دون ذلك . فلما رأى أبو دلامة الجد منه قال : أيها الأمير تعلم أن هذا أول يوم من أيام الآخرة ولا بد فيه من الزوادة . فأمر له بذلك . فأخذ رغيفاً مطوياً على دجاجة ولحم وسطيحة شراب وشيئاً من نقل .
وشهر سيفه وحمل وكان تحته فرس جواد فأقبل يجول ويلعب بالرمح . وكان مليحاً في الميدان والفارس يلاحظه ويطلب منه غرة حتى إذا وجدها حمل عليه والغبار كالليل .
فأغمد أبو دلامة سيفه وقال للرجل : لا تعجل واسمع مني - عافاك الله - كلمات ألقيهن إليك فإنما أتيتك في مهم . فوقف مقابله وقال : ما هو المهم ؟ قال : أتعرفني ؟ قال : لا . قال : أنا أبو دلامة . قال : قد سمعت بك - حياك الله - فكيف برزت إلي وطمعت في بعد من قتلت من أصحابك ؟ قال : ما خرجت لأقتلك ولا لأقاتلك ولكني رأيت لباقتك وشهامتك فاشتهيت أن تكون لي صديقاً وإن لأدلك على ما هو أحسن من قتالنا . قال : قل على بركة الله . قال : أراك قد تعبت وأنت بغير شك جوعان ظمآن . قال : كذلك هو . قال : فما علينا من خراسان والعراق إن معي لحماً وخبزاً وشراباً ونقلاً كما يتمنى المتمني وهذا غدير ماء نمير بالقرب منا فهلم بنا إليه نصطبح وأترنم لك بشيء من حداء الأعراب . فقال : هذا غاية أملي . فقال : فها أنا أستطرد لك فاتبعني حتى نخرج من حلق الطعان . ففعلا وروح يتطلب أبا دلامة فلا يجده والخراسانية تتطلب فارسها فلا تجده . فلما طابت نفس الخراساني قال له أبو دلامة : إن روحاً كما علمت من أبناء الكرم وحسبك بابن المهلب جواداً وإنه ليبذل لك خلعة فاخرة وفرساً جواداً ومركباً مفضضاً وسيفاً محلى ورمحاً طويلاً وجارية بربرية . وإنه في أكثر العطاء وهذا خاتمة معي لك بذلك . فقال : ويحك ما أصنع بأهلي وعيالي ؟ فقال : استخر الله تعالى وسر معي ودع أهلك فالكل يخلف عليك . فقال : سر بنا على بركة الله فسارا حتى قدما من وراء العسكر فهجما على روح فقال : يا أبا دلامة أين كنت ؟ قال : في حاجتك أما قتل الرجل فما أطقته وأما سفك دمي فما طبت به نفساً وأما الرجوع خائباً فلم أقدم عليه وقد تلطفت به وأتيتك به وهو أسير كرمك وقد بذلت له عنك كيت وكيت . فقال : يمضى إذا وثق لي . قال : بم ذا ؟ قال : بنقل أهله . قال الرجل : أهلي على بعد ولا يمكنني نقلهم الآن ولكن آمدد يدك أصافحك وأحلف لك متبرعاً بطلاق الزوجة أني لا أخونك فإن لم أف إذا حلفت بطلاقها فلا ينفعك نقلها .
فقال : صدقت . فحلف له وعاهده ووفى له بما ضمنه أبو دلامة وزاد عليه . وانقلب الخراساني يقاتل الخراسانية وينكي فيهم أشد نكاية . وكان ذلك أكبر أسباب الظفر لروح