ودُعي زيد بن محمدّ حتّى جاء الله بالإسلام فنزلت " أُدْعُوهم لآبائهم " فدُعي يوم ذاك زيد بن حارثة ودُعي الأدعياء إلى آبائهم فدُعي المقداد بن عمرو وكان يقال له قبل ذلك ابن الأسود لأنّ الأسود بن عبد يغوث كان قد تبنّاه . وعن ابن عمر أنّ رسول الله A أمّر أسامة على قوم فطعن الناس في إمارته فقال : أن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه وأيم الله إن كان لخليقاً للإمارة وإن كان لمن أحبّ الناس إليّ وإنّ ابنّه هذا لأحبُّ الناس إليّ بعده فاستوصوا به خيراً فإنّه من خياركم . وقُتل زيد طعناً بالرماح شهيداً . فصلى عليه رسول الله A وقال : استغفروا له وقد دخل الجنّة وهو يسعى وذلك سنة ثمان . وعن خالد بن سمير قال : لمّا أُصيب زيد بن حارثة أتاهم رسول الله A فجهشت بنت زيد في وجه رسول الله A فبكى رسول الله A حتى انتحب فقال له سعد بن عبادة : يا رسول الله ما هذا ؟ قال : هذا شوق الحبيب إلى حبيبه .
والد أمير المدينة .
زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب العلوي الحسني المدني والد الحسن ابن زيد أمير المدينة الذي مدحه ابن هرمة معرّضاً ببني عمهّ في وقوله : " على هن وهن " وروى زيد عن أبيه وابن عبّاس وجابر . وروى عنه ابنه الحسن بن زيد وقدم على الوليد بن عبد الملك لخصومةٍ وقعت بينه وبني ابن عمّه أبي هاشم عبد الله ابن محمّد بن الحنفيّة في ولاية صدقات علي بالمدينة لأنّ عليَاً اشترط في صدقته أنّها إلى ذي الدين والفضل من أكابر ولده فانتهت صدقته في زمن الوليد إلى زيد ابن الحسن فنازعه فيها أبو هاشم وقال : أنت تعلم أنّي وإيّاك في النسب سواء إلى جدّنا عليّ وإن كانت فاطمة لم تلدني وولدتك فإنّ هذه الصدقة لعليّ وليست لفاطمة وأنا أفقهُ منك وأعلم بالكتاب والسنّة - حتى طالت المنازعة بينهما فخرج زيد من المدينة إلى الوليد بدمشق فكثر عنده على أبي هاشم وأعلمه أنّ له شيعة بالعراق يتّخذونه إماماً وأنّه يدعو إلى نفسه فتزوّج الوليد نفيسة بنت زيد بن الحسن وأحضر أبا هاشم وسجنه مدّةً فوفد في أمره عليّ بن الحسين فقال : يا أمير المؤمنين ما بال آل أبي بكر وآل عمر وآل عثمان يتقرّبون بآبائهم فيكرَّمون ويُحَبّون وآل رسول الله A يتقرّبون به فلا ينفعهم ذلك ! .
فبِنَ حبستَ ابن عمي عبد الله بن محمّد طول هذه المدّة ؟ فقال : بقول ابن عمّكما زيد بن الحسن ! .
فقال عليّ بن الحسين : أو ما يمكن أن يكون بين ابني العمّ منازعة ووحشة كما يكون بين الأقارب فيكذبَ أحدهما على الآخر وهذان كان بينهما كذا وكذا فخلّى سبيله وتوفّي في حدود المائة وعشر وعاش سبعين سنة .
أبو طلحة الأنصاري النقيب