سعيد بن حكم بن سعيد بن حكم الأمير أبو عثمان القرشي الطُبري المعافري مولده بطُبيرة من غرب الأندلس فِي حدود الستّ مائة . توفيّ سنة ثمانين وست مائة . قرأ بإشبيليّة الموطّأ عَلَى أبي الحسين بن زرقون واشتغل عَلَى الشلويين وَكَانَ محدّثاً أديباً كاتباً رئيساً نزل جزيرة منورقة وَكَانَ حسن السياسة فقدّمه أهلها وأمرّوه عليهم فدبّر أمرها إلى أن مات وأجاز لمن أدرك حياته كذا قال ابن عمران الحضرمي وولي بعده الحكم ولده ثُمَّ قصده الفرنج ودام الحصار مدّةً ثُمَّ أخذوا البلد سنة خمس وثمانين وقدم هو سبتة وَكَانَ الأمير أبو عثمان فِي أوّل أمره قَدْ تعلّق بشغل داود بن الخشّاب وتصرّف فِي إفريقيّة وغيرها إلى أن صار مشرفاً فِي جزيرة ميورقة فِي مدّة بني عبد المؤمن فلمّا احتلّت دولتهم بالأندلس وأخذ عُبّادُ الصليب جزيرة ميورقة وهي القرب منها دارى أبو عثمان عن جزيرة منورقة وصانعهم عَلَيْهَا وخطب لنفسه فاستمرّ لَهُ ذَلِكَ وصار مقصوداً ممدّحاً وفدى كثيراً من الشعراء والأدباء من الأسر فإنّ كلّ من حصل فِيهِ وخاطبه بنظم أو نثر أرسل فديته وأحضره وجبر حاله جزاه الله خيراً ومن شعره من الرمل : .
هِمَّتِي فِي هَذهِ الدُنْيَا لَبِيبٌ أصْطَفِيهِ .
وفَسادُ لَسْتُ أُبْقِي ... هِ وَخَيرٌ أقْتَنِيهِ .
أخبرني العلاّمة أثير الدين من لفظه قال : ولابنه المذكور علوم جمّة وأدب .
فمن شعره مَا كتب بِهِ إلى السلطان أبي عبد الله بن الأحمر يعزيه فِي ولده الأمير أبي سعيد فَرَح من الوافر : .
عَزاءً أيُّها المَلِكُ الجَليلُ ... فإنَّ مَتاعَ دُنيَانَا قَليلُ .
وَمَا هُوَ غَيْرَ أنْ يُدْعَى وَمَا مِنْ جَوابٍ عِندَنا إلاّ الرَحِيلُ .
وَيَا عَجَبا نُصَبِّرُ ضِلّةً مَنْ ... يَظَلُّ شِعارُهُ الصَبْرُ الجَميلُ .
نُعَزِّيهِ وَلَيْسَ لَنا عَزاءٌ ... وَلكِنّا سَنَفْعَلُ مَا نَقولُ .
أبو عثمان الكاتب .
سعيد بن حميد بن سعد أبو عثمان الكاتب من أولاد الدهاقين كَانَ بغداديّاً وادَعى أنّه من أولاد ملوك الفرس تقلّد ديوان الرسائل بِسُرَّ من رأى وَكَانَ كثير السرقات والإغارة قال بعضهم : لو قيل لكلام سعيد ارجعْ إلى أهلك لمَ بقي عَلَيْهِ إلاّ التأليف . ومذهبه فِي العدول عن أهل البيت متعارف مشهور .
ووالده من ودوه المعتزلة . وَلَهُ كتاب " انتصاف العجم من العرب " ويُعرف " بالتسوية " و " ديوان رسائله " و " ديوان شعره " ومن شعره من الخفيف : .
حَسَدَتْنا أيّامُنا بالتلاقِ ... فرمتْنا تعسّفاً بالفِراقِ .
أعْقَبَتْنا تَفَرُّقاً بائِتلافٍ ... أنفدت دَمْعنا عَلَيْهِ المآقي .
آهِ مِن وَحْشَةِ الفِراقِ وضمِنْ ذُلّ ... المُعَنَّى وحَسْرةِ المشْتاقِ .
مَا يُريد الفراقَ لا كانَ مِنّا ... أشْمَتَ اللهُ بالفِراق التَلاقي .
ومنه من الطويل : .
وَنُضْحَكَ يَا ذا النُصْحِ لاَ نَبْذُلَنَّهُ ... لِمُتَّهِمٍ وَالنُصْحُ بادٍ مَواضِعُهْ .
ولا نَمْتَحَنّ الرأيّ مَنْ لاَ يُريدُهُ ... فلا أنْتَ مَحْمودٌ ولا الرأي نافِعُهْ .
ومنه من الخفيف : .
كَيْفَ أُثْنِي عَلىَ الزَمانِ وَهِجْرا ... نُكَ مِمَّا جَنَت صرُوف الزمانِ .
صِرْتُ أجفوكَ مُكْرَهاً وَعَلى الوُدِّ ... دَليلُ مِنْ ناظِري وَلساني .
كُلَّما عُدْتُ بِالتَجَلُّدِ عَنْكُمْ ... كَذَّبَتْنِي نَوَاظِرُ الأجْفانِ .
وَلَوَ أنَّ المُنى تُحَكَّم يَوْماً ... مَا تَخَطَّتْ إلاّ إليكَ الأماني .
قال محمّد بن السري : صرت إلى سعيد بن حميد وهو فِي دار الحسن بن مخلد فِي حاجة لي لعنده إذ جاءته رقعةُ فضلِ الشاعرة وَكَانَتْ تحبّه وفيها هذان البيتان من الكامل : .
الصَبْرُ يَنْقُصُ والغَرامُ يزيدُ ... والدارُ دانِيَةٌ وَأنتَ بَعِيدُ .
أشْكُوكُ أمْ أشْكُو إليكَ فإنَّه ... لا يَستَطِيعُ سِوَاهُما المَجْهُودُ