سلمان أبو عبد الله الفارسي الرامهرمزي الأصبهاني سابق الفرس إلى الإسلام رضه . صحب النبيّ A وخدمه وروى عنه ابن عبّاس وأنس وعقبة ابن عامر وأبو سعيد وكعب بن عجرة وعبد الله بن أبي زكرياء الدمشقي وغيرهم وتوفيّ سنة ستّ وثلاثين للهجرة روى لَهُ الجماعة . وَكَانَ قَدْ صحب ثلاثةً أو أربعةً ممّن كانوا متمسّكين بدين المسيح عَلَيْهِ السلام وأخبره الأخير عن مبعث النبيّ A وصفته ثُمَّ استرقته العرب فتداوله بضعة عشر سيداً حَتَّى كَانَتْ مكاتبته فكان ولاؤه لرسول الله A فقال يوم الأحزاب : سلمان مِنّا أهل البيت وآخى بينه وبين أبي الدرداء وقيل إنّه الَّذِي أشار بحفر الخندق وَكَانَ لَهُ فِيهِ فضل عمل . وَكَانَ كثير الزهد فِي الدنيا وعاده رسول الله A لمرض أصابه وجعل عمر عطاءه أربعة آلاف درهم . وقال القاسم أبو عبد الرحمن الدمشقي : زارنا سلمان وخرج الناس يتلقّونه كما يُتلقّى الخليفة فلقيناه وهو يمشي فلم يبق شريف إلاّ عرض عَلَيْهِ أن ينزل به فقال : جعلت فِي نفسي مرّتي هَذِهِ أن أنزل عَلَى بشير بن سعد فلمّا قدم سأل عن أبي الدرداء فقالوا : مرابط ببيروت فتوجّه قِبّله . وَكَانَ أبوه دهقان أرضه وَكَانَ عَلَى المجوسيّة ثُمَّ لحق بالنصارى ورغب عن المجوس ثُمَّ صار إلى المدينة وَكَانَ عبد رجل من اليهود فلمّا هاجر النبيّ A أتاه سلمان فأسلم وكاتب مولاه اليهودي فأعانه النبيّ A والمسلمون حتّى عتق وقال رسول الله A : أنا سابق ولد آدم وسلمان سابق أهل فارس . وعن أبي هريرة رضه : إنّ رسول الله تلا هَذِهِ الآية : وَإنْ تَتَوَلَّوا يَسْتَبْدِلْ قَوماً غَيْرَكُم قيل : من هم يَا رسول الله ؟ فضرب عَلَى فخذ سلمان ثُمَّ قال : هَذَا وقومه ! .
ولو كَانَ الدين عند الثريّا أتناوله رجال من فارس وَفِي رواية : لو كَانَ الإيمان منوطاً بالثريّا . ومرّ بجسر المدائن غازياً وهو أمير عَلَى الجيش واشترى رجل علفاً لفرسه فقال لسلمان : يَا فارسي تعال فاحملْ ! .
فحمل وأتبعه فجعل الناس يسلّمون عَلَى سلمان فقال : من هَذَا ؟ قال : سلمان الفارسي : قال : والله مَا عرفتك ! .
أقِلْنِي ! .
فقال سلمان : لا ! .
إنّي احتسبت بما صنعت خصَالاً ثلاثاً إحداهنّ أنّي ألقيت عن نفسي الكبر والثانية أعين رجلاً من المسلمين فِي حاجته والثالثة لو لَمْ تسخرني لسخّرتُ من هو أضعف منّي فوقيتُهُ بنفسي . فقال الحسن : كَانَ عطاؤه خمسة آلاف وَكَانَ عَلَى ثلاثين ألفاً من الناس يخطب فِي عباءة يفترش نصفها ويلبس نصفها وإذا خرج عطاؤه أمْضَاهُ ويأكل من سفيف يده وقبره بالمدائن .
أبو عبد الله الباهلي .
قاضي الكوفة .
سلمان بن ربيعة بن يزيد أبو عبد الله الباهلي يقال إنّ لَهُ صحبة . شهد فتوح الشام مع أبي الباهلي ثُمَّ سكن العراق ولاّه عمر قضاء الكوفة ثُمَّ ولي غزو أرمينية فِي خلافة عثمان فقُتل بِبَلَنْجَر . وحدّث عن عمر بن الخطّاب وروى عنه أبو وائل وغيره . وَكَانَ يغزو سنةً ويحجّ سنةً وهو أوّل من قضى بالعراق ولمّا استشهد بأرض أرمينيّة سنة تسع وعشرين للهجرة جعل أهل تِلْكَ الناحية عظامه فِي تابوت فإذا احتبس عليهم القطر أخرجوه فاستسقوا به وَفِي ذَلِكَ يقول ابن جمانة الباهلي من الطويل : .
وإنّ لَنَا قبرين قبر بَلَبْجَرٍ ... وَقبراً بأرض الصين يَا لَكَ من قبرِ .
فهذا الَّذِي بِالصينِ عَمَّتْ فُتوحُهُ ... وهذا الَّذِي بالتُركِ يُسقى بِهِ القَطْرُ .
القبر الَّذِي بالصين قبر قتيبة بن مسلم قُتل بفرغانة فجعل الشاعر ذَلِكَ بالصين .
ابن الفتي النحوي .
سلمان بن عبد الله بن محمّد بن المفتيّ الحلواني أبو عبد الله ابن أبي طالب النحوي النهرواني قدم بغداد وقرأ بِهَا النحو عَلَى أبي القاسم عبد الواحد بن عليّ بن برهان الأسدي وعمر بن ثابت الثمانيني واللغة عَلَى أبي القاسم عبيد الله بن محمّد الرقّي وأبي محمّد الحسن بن محمّد الدهّان وقرا بالبصرة عَلَى القصباني حتّى برع فِي النحو وسمع ببغداد من أبي طالب بن غيلان وأبي محمّد الجوهري والقاضي أبي الطبري . ثُمَّ جال فِي العراق ونشر بِهَا علمه