وفوّض جميع مَا يتعلّق بِهِ من الحلّ والعقد إلى السلطان الملك الناصر محمّد . وسار معاً إلى غزو التتار وشهدا مَصافَّ شقحب . ودخل دمشق فِي شهر رمضان سنة اثنتين وسبع مائة وهو مع السلطان راكب وجميع كبراء الجيش مشاة وعليه فرجيّة سوداء مطرّزة وعماّمة كبيرة بيضاء بعذبة طويلة وهو متقلّد سيفاً عربيّاً محَلىَّ . ولّما فُوِّض الأمر إلى الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنِكير وقلّده السلطنة بعد توجّه السلطان الملك الناصر إلى الكرك ولُقِّب المظفّر لَهُ الهواء وألْبسه خلْعة السلطنة فرجيّةً سَوْداء مدوّرةً فركب بذلك والوزير حامل عَلَى رأسه التقليد من إنشاء القاضي علاء الدين ابن عبد الظاهر : أوّله أنّه من سليمان وأنّه بسم الله الرحمن الرحيم . هذا عقد لا عهدَ الملك بمثله . وَقَدْ رأيته أنا بالقاهرة غير مرّة وهو تامّ الشكل ذهبيّ اللون يعلوه هيبة ووقار وَكَانَ يركب فِي الميدان إذا لعب السلطان وَعَلَى كتفه جوكان وهو يُسَيرِّ فرسه ولا يضرب الكرة ولا يمشي معه أحد وإذا عاد السلطان إلى القلعة ركب قدّامه . ولّما جُرح شرف الدين النشو ناظر الخاصّ رأيته وَقَدْ حضر إلى بابه عائداً مرّتين ونزل عَلَى الباب . وَكَانَ لَهُ فِي السنة عَلَى مَا قبل من المرَتِّب مَا يقارب ألف درهم أخبرني القاضي شهاب الدين بن فضل الله أنّ المرتَّب الَّذِي كَانَ لَهُ لَمْ يكن يبلغ خمسين ألفاً فِي السنتين فلّما خرج إلى قُوص بأن يُعطّي من مستخرج الكارم بقوص نظير ذَلِكَ فأرادوا نقصه فازداد وَكَانَ لَهُ سكن عند المشهد النفيسي وَلَهُ دار عَلَى النيل بجزيرة الفيل وَلَهُ أصحاب يجتمعون بِهِ ويسعى فِي حوائجهم وتنكّر السلطان الملك الناصر عَلَيْهِ وأنزله بأهله فِي البرج المطلّ عَلَى باب قلعة الجبل فلم يركب وَلَمْ يخرج وبقي مدّةً تقارب الخمسة أشهر ثُمَّ أفرج عنه فنزل إلى داره وبقي عَلَى ذَلِكَ مدّةً ثمّ تنكَر عَلَيْهِ بعد نصف سنة أو مَا يقاربها وأخرجه بأهله وأولاده وجهّزه إلى قوص فِي سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة فيما أظنّ . فأقام بِهَا إلى أن توفيّ ولده صدقة فوجد عَلَيْهِ وجداً عظيماً ثمّ توفيّ هو بعده فِي سنة أربعين فِي مستهلّ شعبان منها . وعهد بالأمر إلى ولده فلم يتمّ لَهُ ذَلِكَ وبويع ابن أخيه أبو اسحق إبراهيم بيعةً خفيّةَ لَكَ تظهر إلى أن تولىّ السلطان الملك المنصور أبو بكر ابن الملك الناصر فأحضر ولده أبا القاسم أحمد وبايعه هو والناس بعده بيعةً ظاهرةً حفلةً . وَكَانَ يُلَقَّب المستنصر فلمّا بويع هَذِهِ البيعة لُقّب الحاكم وكنّي أبَا العبّاس عَلَى مَا تقدّم فِي ترجمته فِي الأحمدين .
ابن العميد المقرئ .
سليمان بن أحمد بن عبد الرحيم بن داؤد المقرئ يعرف بابن العميد البغدادي . قرأ القرآن عَلَى المبارك بن الحسن بن أحمد الشهرزوري وعليّ بن مسعود بن عبد الواحد بن محمد بن الحصين وسمع منهما ومن أبي الوقت عبد الأوّل السجزي أحمد بن محمّد بن جعفر العّباسي ومسلم بن ثابت بن زيد بن النحّاس البزّاز . كَانَ شيخاً صالحاً حسن التلاوة دائم الذكر كثير المواظبة لمجالس الذكر توفيّ سنة ثمان وتسعين وخمس مائة .
السرقسطي .
سليمان بن أحمد بن محمّد أبو الربيع ابن أبي عمر السرقطي . من الأندلس سمع بمصر عليّ بن إبراهيم بن سعيد الحوفي وبواسط عليّ بن عبيد الله بن عليّ القصّاب وأقام ببغداد يُؤدّب الصبيان وقرأ بالروايات عَلَى القاضي أبي العلاء محمّد بن عليّ بن يعقوب الواسطي وسمع منه ومن عبد الملك بن محمّد ابن عبد الله بن بشران وغيرهما وقرأ عَلَيْهِ جماعة وحدّث . قال السمعاني : سمعت أبا الفضل تسع وسبعين وأربع مائة .
ابن جاوش البغدادي .
سليمان بن أرسلان بن جعفر بن عليّ بن المتوّج أبو داود بن أبي الفضل