سليمان بن عسكر الخوراني علم الدين أبو الربيع المنشد ونقيب المتعمّمين . كَانَ يحفظ أكثر ديوان الصرصري فِي مدائح سيّدنا رسول الله A وَكَانَ يحضر الولائم والأفراح والخِيَم والمآتم وكلّ جمع يكون ويقوم فِي آخر المجلس وينشد من أمداح الصرصري ويؤدّي ذَلِكَ جيداً سالماً من اللحن والغلط والتصحيف لأنّه صحّح ذَلِكَ عَلَى الشيخ مجد الدين التونسي وغيره من أهل العلم وإذا جرى فِي ذَلِكَ المجلس شيء ينشد قصيدةً مناسبةً فِي المعنى من أمداح الصرصري . ويحضر دروس الغزّاليّة ويقوم عقيب الفراغ وينشد . ويحجّ فِي كلّ سنة ويكون فِي الركب مؤذّناً وَعَلَى الجملة فما خلفه أحد فِي شأنه وتوفيّ C تعالى فِي ثاني عشر شهر رجب الفرد سنة إحدى وخمسين وسبع مائة . وَكَانَ قَدْ سمع الحديث ورواه . وحجّ فِي وقت وأخذ مرسوم نائب الشام بأن يكون مؤذناً بالركب الشريف فكتبْتُ لَهُ مرسوماً عَلَى ظاهر قصّته ونسخة ذَلِكَ : لأنّه المنشد الَّذِي أضحت قصائده وهي غاية المقصود والمطرب الَّذِي يقال فِيهِ هَذَا سليمان وَقَدْ أُوتيّ مزماراً من مزامير داود والحافظ الَّذِي يعرب إنشادَهُ والفصيح الَّذِي يعلو بِهِ النظم إن شادَهْ . لو سمعه الصرصري لعلم أنّه فيما يورده من كلامه متبصِّرْ وتحقّق أنّ السامعين لَهُ إذا بكوا وخشعوا غرانيق ماء تَحْتَ باز مصرصر كم حرّك سواكن القلوب بلفظه البديع وأجرت عبارته العبراتِ من بحر السريع وجعل المحافل رياضاً لأنّه أبو الربيع فليؤذّن أذاناً إذا سمعه الركب أقام وقالوا هَذَا المؤذّن الَّذِي هو للناس كلّهم إمام والله يرزقنا شفاعةً من يجلو علينا مدائحه ويفيض علينا فِي الدنيا والآخرة منائحه بمنّة وكرمه إن شاء الله تعالى .
عمّ السفّاح .
سليمان بن عليّ بن عبد الله عبّاس أبو أيّوب ويقال : أبو محمد الهاشمي أحد أعمام السفاح والمنصور حدّث عن أبيه وعكرمة وروى عنه ابناه محمّد وجعفر وابن أخيه عبد الملك بن صالح بن عليّ ويقال عبد الله والأصمعي وغيرهم . وولي الموسم فِي خلافة السفّاح وولي البصرة لَهُ وللمنصور .
ولد سنة اثنتين وثمانين وتوفيّ سنة اثنتين وأربعين ومائة وقيل سنة إحدى وأربعين ومائة . وسليمان وصالح ابنا عليّ هما لأمّ ولد . وَكَانَ سليمان كريماً جواداً مرّ برجل يسأله قَدْ تحمّل عشر ديات فأمر لَهُ بِهَا كلّها . وَكَانَ يعتق فِي كل موسم عشيّة عرفة مائة نسمة وبلغت صِلاتُهُ فِي الموسم وقريش والأنصاري وسائر الناس خمسة ألاف ألف .
سليمان بن عليّ المعروف بابن القصّار ذكره جحظة فِي أخبار الطنبوريين وثلبة فِي نفسه وأخلاقه ومدح صنعته فِي الغناء . قال أبو الفرج فِي كتاب الأغاني : أخبرني ذكاء وجه الرزة قال : كنّا نجتمع مع جماعة من الطنبوريّين ونشاهدهم فِي دور الملوك وبحضرة السلطان فما شاهدت أفضل من المشدود وعمر والوادي وابن القصّار . وقالت قمريّة البكتمريّة : كَانَتْ سِتّي الَّتِي ربّتني مغنّيةً شجيّة الصوت حسنة الغناء وَكَانَتْ تعشق ابن القصّار وَكَانَتْ علامة مصيرة إليها أن يجتاز فِي دجلة وهو يغنّي فإن قدرت عَلَى لقائه أوصلته إليها وإلاّ مضى فاجتاز بِنَا فِي ليلة مقمرة وهو يغني من الرمل : .
أنا فِي يُمْنى يَديها ... وَهْيَ فِي يُسْرَى يَدَيَّهْ .
إنّ هَذَا القَضاءَ ... فِيهِ جَورٌ يَا أُخَيَّهْ .
ويغنّي فِي آخره : ويلي ويلي يَا أبيّه ! .
وَكَانَتْ ستّي بَيْنَ يدي مولاها فما ملكت نفسها أنْ صاحتْ : أحسنتَ والله يَا رجل فتفضّلْ وأعد ! .
ففعل وشرب رطلاً وانصرف وَكَانَ مولاها يعرف الخبر فتغافل عنها لموضعها من قبله .
معين الدين البَروَاناه .
سليمان بن عليّ الصاحب معين الدين البرواناه . كَانَ أبوه مهذب الدين عليّ بن محمّد أعجمّياً . سكن الروم وَكَانَ يقرأ القرآن ويعلّم أولاد مستوفي الروم