شبيب بن يزيد الخارجي ؛ خرج بالموصل فبعث إليه الحجاج خمسة قواد فقتلهم واحداً بعد واحد ثم سار إلى الكوفة وقاتل الحجاج وغرق بدجيل في حدود الثمانين للهجرة وقيل سنة سبع وسبعين . ولما قصد شبيب الكوفة أحجم الحجاج عنه ورجع وتحصن في قصر الإمارة ودخل إليها شبيب وأمه جهيزة وزوجته غزالة عند الصباح وقد كانت غزالة نذرت أن تدخل مسجد الكوفة فتصلي فيه ركعتين وتقرأ فيهما سورة البقرة وآل عمران فأتوا الجامع في سبعين رجلاً فصلت فيه الغداة . وكانت غزالة من الفروسية والشجاعة بالموضع الأعلى وكانت تقالت في الحروب بنفسها وكان الحجاج هرب في وقت من شبيب فعيره بعض الناس بذلك وقال : .
أسد علي وفي الحروب نعامة ... فتخاء تنفر من صفير الصافر .
هلا بدرت إلى غزالة في الوغى ... بل كان قلبك في جناحي طائر .
وكانت أمه جهيزة أيضاً فارسة تشهد الحروب بنفسها وكان شبيب قد ادعى الخلافة ولما عجز الحجاج عنه بعث إليه عبد الملك عساكر كثيرة من الشام عليها سفيان بن الأبرد الكلبي فوصل إلى الكوفة وتكاثر الحجاج وعساكر الشام على شبيب فانهزم وقتلت غزاله وأمه ونجا شبيب في فوارس من أصحابه واتبع سفيان فلحقه بالأهواز فولى شبيب فلما حصل على جسر دجيل نفر به فرسه وعليه الحديد الثقيل من درع ومغفر وغيرهما فألقاه في الماء فقال له بعض أصحابه : أغرقاً يا أمير المؤمنين ؟ فقال : " ذلك تقدير العزيز العليم " فألقاه دجيل في ساحله ميتا فحمل على البريد إلى الحجاج فأمر الحجاج بشق بطنه واستخراج قلبه فاستخرج فإذا هو كالحجر إذا ضرب الأرض نبا عنها فشق فكان في داخله قلب صغير كالكرة فشق فأصيبت علقة الدم في داخله وكان طويلاً أشمط جعداً آدم . وأحضر إلى عبد الملك بعد غرقه عتبان الحروري ابن أصيلة - وقيل وصيلة - وكان من شراة الجزيرة فقال له عبد الملك : ألست القائل : .
فإن كان منكم كان مروان وابنه ... فمنا أمير المؤمنين شبيب .
فقال : لم أقل كذا يا أمير المؤمنين وإنما قلت : .
فمنا حصين والبطين ونقعنبومنا أمير المؤمنين شبيب .
فاستحسن قوله وأمر بتخلية سبيله ؛ وهذا الجواب حسن فإنه خلص بفتحه الراء من أمير لأنه يعود منصوباً على النداء بعد أن كان مرفوعاً على الابتداء .
الذبياني .
شبيب ابن البرصاء ؛ هو شبيب بن يزيد من بني ذبيان ؛ شاعر فصيح إسلامي بدوي كان يهاجي عقيل بن علفة وكلاهما كان شريفاً سيداً . تفاخر يوماً هو وعقيل فقال شبيب يهجوه ويعيره برجل من طيء كان يأتي أمه : .
ألسنا بفرع قد علمتم دعامة ... ورابية تنشق عنها سيولها .
وقد علمت سعد بن ذبيان أننا ... رحاها التي تأوي إليها وجولها .
إذا لم نسسكم في الأمور ولم يكن ... لحرب عوان لاقح من يعولها .
فلستم بأهدى في البلاد من التي ... تردد حيرى حين غاب دليلها .
في أبيات طويلة مذكورة في الأغاني . وغاب غيبة عن أهله ثم قدم بعد مدة وقد مات جماعة من بني عمه فقال : .
تخرم الدهر إخواني وغادرني ... كما يغادر ثور الطارد الفأد .
إني لباق قليلاً ثم تابعهم ... ووارد منهل القوم الذي وردوا .
وكان عبد الملك بن مروان يتمثل بقول شبيب في بذل النفس عند اللقاء ويعجب بها : .
دعاني حصن للفرار فساءني ... مواطن أن يثنى عليها فأسلما .
فقلت حصين نج نفسك إنما ... يذود الفتى عن حوضه إن يهدما .
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياة مثل أن أتقدما .
سيكفيك أطراف الأسنة فارس ... إذا ريع نادى بالجواد وألجما .
إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت ... حبال الهوينا بالفتى أن يجذما .
أبو المظفر قاضي همذان الشافعي .
شبيب بن الحسن بن عبيد الله بن الحسين بن شباب القاضي أبو المظفر البروجردي الفقيه الشافعي ؛ تفقه على أبي إسحاق الشيرازي وبرع في العلم وهو إمام مفت أديب مليح العشرة حلو المنطق توفي سنة أربع وثلاثين وخمسمائة وكان قاضي همذان . قال يمدح سيف الدولة صدقة بن منصور : .
أتيتك سيف الدولة قاصداً ... لمرجوة لم أرض غيرك أهلها