ورنحها نشر النعامى كأنما ... رمى الشوق في أعضائها بالأفاكل .
خليلي لولا نفحة حاجرية ... تقصر دون الجزع خطو الرواحل .
لعز إباء أن تغول حلومنا ... على نكبات الدهر إحدى الغوائل .
إلى الله أشكو سرحة الرمل إنها ... تطالب أصحاب الهوى بطوائل .
شجتنا على قرب الديار وأرسلت ... على البعد أنفاس الرياح العلائل .
وركب رموا صدر الفلاة بأينق ... يطأن على بوغائها بالكلاكل .
يقودهم مني غلام إذا ارتمت ... عليه الرزايا أيقنت بالتخاذل .
بمجهولة القطرين طامسة الصوى ... تفوز بأرواح الرجال الثواكل .
شدوا بابن فخر الملك فاستجفلوا الكرى ... ومدوا رقاب الرائحات العوامل .
بمستمطر المعروف آلت يمينه ... على طرد لزبات السنين المواحل .
ومسترعف الأرماح يثني نجاده ... على أطلس البردين حلو الشمائل .
إذا ما تناجى الكرب وهناً بذكره ... وابصارهم يذرعن جوز المراحل .
تأرجت البيداء من طيب عرفه ... فدلت على معروفه كل سائل .
من الواردين الماء بالعز صافياً ... إذا ورد الذلان طرق المناهل .
أولو الصبر في اللأواء تقضي حلومهم ... على عجرفيات الخطوب النوازل .
يهزهم بذل الندى طرباً له ... وتهتز عند الطعن سمر الذوابل .
إذا عصفت ريح الخطوب رأيتهم ... بحمل رزاياها ثقال الكواهل .
وتعقد تيجان الممالك منهم ... على كل وضاح الجبين حلاحل .
وهل كمعز الدولة الملك آخذ ... بأقصى هدى يومي هياج ونائل .
إذا كر في المعروف ساوت يمينه ... جميع الأنام من غني وعائل .
لك الله قد أطلعت في آل عامر ... نجوماً من العلياء غير أوافل .
وقد جرب الأعداء منك عزيمة ... تكفل إيقاظ المنايا الغوافل .
غداة حشوا قلب الفلاة بأرعن ... يريك حقيق الصبح في زي باطل .
كأن رواق الشمس فوق غباره ... يمد على صبغ من الليل ناصل .
رميتهم بالحين حين تجافلوا ... من الرعب تجفال الظباء الخواذل .
بخيل كمحتوم القضاء كأنما ... حوافرها معقودة بالجنادل .
فظنوا فرار الذل ينجي من الردى ... فكان الذي ظنوه كفة حابل .
وأقسم لو أشرعت بأسك فيهم ... وأمضيت أحكام السيوف القواصل .
لما غودرت عرس لهم غير أيم ... ولا وجدت أم لهم غير ثاكل .
فقلدتهم من بعد ذلك منة ... تركتهم منا أسارى الحبائل .
ألا أيها الملك الذي طال قدره ... فقصر عنه قدر كل مطاول .
لقد جزت عن قدر المديح وأهله ... وزدت فلم تترك مقالاً لقائل .
ولي فيك ما يفني الزمان وأهله ... ويبقى على مر المدى المتطاول .
من الكلم الغران تستطلق الحيا ... إذا رجعوا تذكارها في المحافل .
وما أنا من أهل القريض وإنني ... لأعزف عن جدوى الغيوث الهواطل .
ولكن أتاني جود كفك غافلاً ... فلا زلت عن شكري له غير غافل .
إذا الأرض لم تشكر على القطر جادها ... فلا توجت أقطارها بالذلاذل .
قلت : أنشده هذه القصيدة عند ظفره بعسكر المصريين وقتل أكثرهم في شهر ربيع الأول سنة أربعين وأربعمائة . وما هذه إلا قصيدة فائقة رائقة .
الألقاب