طاهر بن الحسن بن إبراهيم أبو محمد الهمذاني الجصاص الزاهد ؛ كان كبير القدر صاحب كرامات بالغ شيرويه في تطويل ترجمته وكان يقرأ الإنجيل والتوراة والزبور ويعرف تفسيرها . قال شيرويه : سمعت الخطيب يقول : دخلت على طاهر الجصاص ووضعت بن يديه تيناً فناولته تينة وقلت : أيها الشيخ اقطع هذه التينة بأسنانك ولم يبق في فمه سن فجعل يمصها ويلوكها حتى لانت وأمكنه قطعها وأكل نصفها ووضع نصفها في فمي فكأني وجدت في نفسي من ريقه فبت تلك الليلة كأن آتياً أتاني فاخرج قلبي من جوفي من غير ألم ولا وجع فلما شاهدت قلبي كأنه قنديل وسبعة عشر سراجاً . فقال : هذا من ذلك اللعاب . وقبره يزار ويعظم وكانت وفاته سنة ثماني عشرة وأربعمائة .
البندنيجي .
طاهر بن الحسين أبو الوفاء البندنيجي الهمذاني ؛ كان شاعراً له معرفة تامة بالنحو واللغة والعروض ؛ مات سنة ثمانين وأربعمائة ولم يمدح أحداً لابتغاء جائزة . ومن شعره : .
ألما نقبل مرج ذا الشادن الألمى ... ونسقيه من ماء الجفون وإن أظما .
ولا تعذلاني في الرسوم فإنها ... تغادرني من حب ساكنها رسما .
رعى الله أيامي بأسنمة النقا ... وعهداً مضى كالحلم واهاً له حلما .
فلو عاد ذاك الدهر شخصاً ممثلاً ... لتعبته ضماً وأفنيته لثما .
ومنها : .
وإني وإن ضن الخليط بوصله ... صرمت فلم أتبعه حمداً ولا ذما .
سجية طب بالزمان وأهله ... رعى نبته لساً وعيدانه عجما .
إذا ما صفا ود الزمان لصاحب ... صفا ود أبناء الزمان له رغما .
ويأنف لي أن أحمل الضيم صاحب ... إذا ما عنا أمر رضيت به حكما .
أخ أخلصته الهند لي حين وقفت ... فأشبهني رأياً وأشبهته عزما .
إذا ما مضى لم تحفز البيض هامة ... ولم تمنع الأدراع من حده جسما .
وما السيف يوم الروع إلا كغمده ... إذا لم يكن كالسيف حامله شهما .
قلت : شعر متوسط .
القواس الحنبلي .
طاهر بن الحسين بن أحمد أبو الوفاء القواس البغدادي الفقيه الحنبلي ؛ توفي سنة ست وسبعين وأربعمائة اشتهر بالديانة الكاملة والنزاهة والعفة والورع والاجتهاد في العبادة اعتكف في مسجده خمسين سنة يواصل الصلاة والصيام ويقرأ عليه الفقه ويفتي الناس ويحدث إلى أن مات . قرأ بالروايات على أبي الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي والفقه على القاضي أبي يعلى ابن الفراء ولازمه حتى برع في المذهب والخلاف ودرس المختصرات من تواليفه .
غلام المأمون .
طاهر بن الحسين بن مصعب بن رزيق بن ماهان وفي ما بعد مصعب اختلاف ؛ كان جده رزيق مولى طلحة الطلحات - الآتي ذكره إن شاء الله تعالى - . وكان طاهر هذا من أكبر أعوان المأمون وسيره من مرو كرسي خراسان لما كان بها المأمون لمحاربة أخوه الأمين والوقعة مشهورة تقدم لها بعض ذكر في ترجمة الأمين محمد بن هارون الرشيد وسير الأمين أبا يحيى علي بن عيسى بن ماهان لدفع طاهر عنه فتواقعا وقتل علي في المعركة وسير طاهر بالخبر إلى المأمون إلى مرو وكانت الوقعة بالري وبينهما نحو مائتين وخمسين فرسخاً فسار الكتاب ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد ووصله الخبر يوم الأحد ؛ ووصل الخبر إلى بغداد بقتل علي بن عيسى ؛ وتقدم طاهر إلى بغداد وأخذ ما في طريقه من البلاد وحاصر بغداد . وسير طاهر إلى المأمون يستأذنه في أخيه ما يفعله به إذا ظفر به فبعث إليه بقميص غير مقور فعلم أنه يريد قتله فعمل على ذلك وحمل رأسه إلى المأمون فكان المأمون يرعاه لخدمته ومناصحته وكان يسميه ذا اليمينين لأنه ضرب شخصاً في واقعة علي ابن عيسى بن ماهان فقده نصفين وكانت الضربة بشمالهن وقال فيه الشاعر : .
كلتا يديك يمين حين تضربه .
وكان طاهر أعور . وفي طاهر يقول عمرو بن بانة : .
يا ذا اليمينين وعين واحدة ... نقصان عين ويمين زائدة