طغاي الأمير سيف الدين الناصري ؛ لم يكن عنده أحد في محله ولا في رتبته يقال إنه من مماليك حسام الدين لاجين المنصور ولذلك كان الاتفاق بينه وبين الأمير سيف الدين تنكز ؛ ولما أمسك الأمير سيف الدين طغاي آخى السلطان بين تنكز وبين بكتمر الساقي وقال له : هذا يكون بدل طغاي . وكان طغاي يعرف بالكبير وكان له مهابة في قلوب الخاصكية وكان السلطان يكون يمزح مع مماليكه وهم معه في بسط وانشراح حتى يقال جاء طغاي فحينئذ ينجمع السلطان ويحتشم ويصف الناس في مراتبهم . وكان يضع يده في حياصة الأمير ويخرج به من بين يدي السلطان ويضربه مائتي عصا واكثر والسلطان يسمع ضربه وما ينكر من ذلك شيئاً . ولما مرض السلطان تلك المرضة التي أشفى فيها على الموت طلب كل واحد من المقربين إليه من الخاصكية وقال له فيما بينه وبينه : يكون نظرك على أولادي وحريمي ومماليكي فأنت الذي يتم لك ذلك الأمر فكل منهم تنصل وبكى وقال : هذا أمر لا يكون أبداً ولا أوافق عليه والله تعالى يجعلنا كلنا فداء مولانا السلطان ولم ير من أحد منهم إقبالاً على ما أشار إليه ؛ فلما مثل ذلك لطغاي رأى منه إقبالاً وشم من أنفاسه الميل إلى الملك وتوقع السلطنة فأكمن ذلك في باطنه له ؛ وحلق السلطان شعره في تلك المرضة فحلق الخاصكية كلهم شعورهم واستمر ذلك سنة لهم إلى اليوم إلا طغاي فإنه ما حلق فزاد ذلك في حنق السلطان عليه وأخرجه إلى صفد نائباً نحضر إليها وأقام بها مدة شهرين وكان الأمير سيف الدين تنكز يجهز إليه كل يوم والثاني ستة بغال فاكهة وحلوى وكذلك الصاحب شمس الدين ما أخلا بذلك مدة مقامه . وحضر إليه يوماً بريدي من دمشق وعلى يده كتاب من الأمير سيف الدين تنكز على العادة فيما كان يكتب به إلى النواب بالشام في مهمات الدولة فلما رأى الكتاب رمى البريدي وضربه مائتي عصا وقال : أنا إلى الآن ما برد خدي من فخذ السلطان ! .
صر تنكز يأمر علي ؟ ! .
ثم إن الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي حضر على البريد يوم الأربعاء وقال له : السلطان قد رسم لك بنيابة الكرك فتهيأ لتتوجه ؛ وكان معه كتب السلطان في الباطن إلى أمراء صفد بإمساكه فلما كان يوم الخميس ركب عسكر صفد ووقفوا في الميدان فلما علم ذلك قال له : يا خوشداش عليك سمع وطاعة لمولانا السلطان قال : نعم وحل سيفه وأحضر له القيد من القلعة وقيده وتوجه إلى مصر وذلك في سنة ثمان عشرة وسبعمائة ؛ ولقد رأيته وقد خرج من دار النيابة ليركب البغل الذي أحضر له وكلما هم بالركوب تعلق فيه مماليكه ومنعوه من الركوب وبكى همم وهو فعلوا ذلك مران وهو من طول قامته ظاهر عنهم ببعض صدره . وكان من أحسن الأشكال ووجهه من أحسن الوجوه مفرط الحسن بارع الجمال . ثم جهز إلى إسكندرية ولم يدخل القاهرة وتوفي بها معتقلاً أو قتيلاً سنة ثمان عشرة وسبعمائة وهو الذي عمر الخان المليح بالقصر العيني وأهل إسكندرية يزورون قبره وله تربة ظاهرة .
الحاج طغاي التتري .
طغاي بن سوتاي الحاج طغاي التتري ؛ حارب علي باشا خال السلطان بوسعيد غير مرة وانكسر الحاج طغاي ويعود إلى حربه مرات وينكسر وما يرجع فقال علي باشا : ما رأيت أقوى من وجه هذا ولكن هذا حمار حرب .
ولم يزل بعد ذلك في محاربة قوم بعد قوم من التتار وهو ملاحظ المسلمين إلى أن قتله إبراهيم شاه ابن أخيه بارنباي وجاء الخبر بقتله من نواب الأطراف والثغور يوم عاشوراء سنة اربع وأربعين وسبعمائة وحز رأسه بيده .
أمير آخور تنكز .
طغاي سيف الدين أمير آخور الأمير سيف الدين تنكز رحمهما الله تعالى ؛ كان في آخر الأمر عند أستاذه أثيلاً أثيراً هو وسيف الدين جنغاي وكان لا يفعل شيئاً إلا برأيهما وقيل إنه كان قد خلص من الإقطاعات للأويراتية والوافدية بدمشق ألف إقطاع ولم ير الناس منه إلا خيراً ولكن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون نقم عليه في الباطن من نسب إلى تنكز - على ما تقدم في ترجمة خوشداشه جنغاي - فأمر الأمير سيف الدين بشتاك بتوسطه فوسطه بسوق الخيل - C تعالى - في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة وأخذت تركته وهي شيء كثير إلى الغاية .
الخوندة