فليتلق هذه الولاية بالعزم الذي نعهده والحزم الذي شاهدناه ونشهده والتدبير الذي يعترف له الصواب ولا يجحده حتى تثمر الأموال في أوراق الحساب وتزيد نمواً وسمواً فتفوق الأمواج في البحار وتفوت القطر من السحاب ؛ مع رفق يكون في شدته ولين يزين مضاء حدته وعدلٍ يصون مهلة مدته فالعدل يعمر والجور يدمر ولا يثمر ؛ بحيث إن الحقوق تصل إلى أربابها والمعاليم تطلع بدور بدرها كاملةً كل هلالٍ على أصابها والرسوم لا تزداد على الطاقة في بابها والرعايا يجنون ثمر العدل في أيامه متشابها . وإذا أنعمنا على بعض أوليائنا بجملٍ فلا تكدر بأن تؤخر وإذا استدعيناه لأبوابنا بمهمٍّ فليكن الإسراع إليه يخجل البرق المتألق في السحاب المسخر ؛ فما أردناك إلا لأنك سهم خرج من كنانة وشهمٌ لا يثني إلى الباطل عيانه ولا عنانه فاشكر هذه النعمة على منائحها وشنف الأسماع بمدائحها متحققاً أن في النقل بلوغ العز والأمل وأنه : لو كان في شرف المأوى بلوغ منىً لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل . فاستصحب الفرح والجذل بذل الفكر والجدل . وسر على بركة آرائنا الشريفة وقل : وفي بلاد من أختها بدل واختر ما اختارته لك سعادتنا المؤبدة المؤيدة فطرفها بالذكاء مكتحل : من البسيط .
إن السعادة فيما أنت فاعله ... وقفت مرتحلاً أو غير مرتحل .
فما آثرنا بتوجيهك إلى الشام إلا ليأتيك المجد من هنا وهنا ولأنك إذا كنت معنا في المعنى فما غبت في الصورة عنا . وابسط أملك " إنك اليوم لدينا مكينٌ أمين " ونزه نفسك فقد أويت إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعين والوصايا كثيرة وأنت ابن بجدتها علماً ومعرفة وفارس نجدتها الذي لا يقدم على أمرٍ حتى يعرف مصرفه فما نحتاج إلى أن نرشدك منها إلى علمٍ ولا أن نشير لك فيها بأنملة قلم . وتقوى الله D هي العروة الوثقى والكعبة التي من يطوف بها " فلا يضل ولا يشقى " فعض بالناجذ عليها وضم يدك على معطفيها . والله يتولى ولايتك ويعين دربتك بالأمور وعنايتك . والخط الشريف - شرفه الله وأعلاه - حجة ثبوته العمل بمقتضاه إن شاء الله تعالى .
خطيب شنهور عبد الله بن ثابت بن عبد الخالق بن عبد الله بن رومي بن إبراهيم ابن حسين بن عرفة بن هدية التجيبي ؛ أبو ثابت الشنهوري خطيب شنهور . أديب شاعرٌ سمع الحافظ المنذري شيئاً من شعره وقال ؛ أنشدني لنفسه : من الكامل .
قد جدت حتى قيل أي سحابٍ ... وعلوت حتى قيل أي شهاب .
وعلمت أن المال ليس بخالدٍ ... فجعلت تعطيه بغير حساب .
توفي سنة ثمانٍ وعشرين وستمائة .
العذري عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري . أدرك النبي صلّى اللهُ عليهِ وسلّم ومسح على رأسه ووعى ذلك . وقيل : ولد عام الفتح وشهد الجابية . وحدث عن عمر وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وجابر وأبيه ثعلبة . وتوفي سنة تسعٍ وثمانين للهجرة . وروى له البخاري وأبو داود والنسائي .
أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب أبو مسلم الخولاني الداراني الزاهد سيد التابعين . أسلم في حياة رسول الله A وقدم المدينة في خلافة أبي بكر وهو معدود في كبار التابعين . وكان فاضلاً ناسكاً عابداً وله كراماتٌ وفضائل . روى عنه أبو إدريس الخولاني وجماعة من تابعي الشام . ولما تنبأ الأسود باليمن بعث إلى أبي مسلم فلما جاءه قال : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : ما أسمع ! .
قال : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال : نعم ! .
فردد ذلك عليه هو يقول كما قال أولاً . فأمر بنارٍ عظيمةٍ فأججت ثم ألقى فيها أبا مسلم فلم يضره ذلك فقيل له . إنفه عنك وإلا أفسد عليك من اتبعك ! .
فأمره بالرحيل فأتى أبو مسلم المدينة وقد قبض رسول الله A ! .
فأناخ راحلته بباب المسجد وقام يصلي إلى ساريةٍ وبصر به عمر بن الخطاب ؛ فقام إليه وقال : ممن الرجل ؟ قال : من أهل اليمن قال : ما فعل الذي حرقه الكذاب بالنار ؟ قال : ذاك عبد الله بن ثوب ! .
قال : أنشدك بالله أنت هو ؟ قال : اللهم نعم ! .
فاعتنقه عمر وبكى ثم أجلسه بينه وبين أبي بكر وقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد صلّى اللهُ عليهِ وسلّم مَن فُعل به كما فُعل بإبراهيم الخليل عليه السلام ! .
وتوفي أبو مسلم سنة اثنتين وستين للهجرة . وروى له مسلمٌ والأربعة .
عبد الله بن جابر