قال إسحاق : قال دحمان : ما رأيت باطلاً أشبه بحق من الغناء . وكان منقطعاً إلى جعفر بن سليمان وهو على المدينة وكان دحمان يقول : ما رأيت مثل مجلس جعفر فيه الفقهاء والعلماء والأدباء والشعراء والقراء والمغنون وأصحاب النجوم والغريب والمضحكون . قال علي بن سليمان النوفلي : غنى دحمان الأشقر الرشيد صوتاً فأطربه واستعاده مراراً ثم قال له : احتكم فقال : غالب والريان وهما ضيعتان بالمدينة غلتهما أربعون ألف دينار فأمر له بهما . فقيل له : يا أمير المؤمنين إن هاتين الضيعتين من جلالتهما وعظم خطرهما لا يجب أن يسمح بمثلهما فقال الرشيد لا سبيل إلى استرداد ما أعطيت ولكن احتالوا في شرائهما منه فوافقوه على مائة ألف دينار فرضي بذلك . وأخبروا الرشيد فقال : ادفعوها إليه فقالوا : يا أمير المؤمنين في إخراج مائة ألف دينار لمغن من بيت المال أشنوعة عظيمة ولكن تقطعها له . فكان يوصل بخمسة آلاف دينار وثلاثة آلاف دينار حتى استوفاها . قال أبو الفرج : والصوت الذي طرب له الرشيد حتى حكمه : الطويل .
إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا ... كفى لمطايانا برياك هاديا .
أعد الليالي ما نأيت ولم أكن ... لما مر من دهري أعد اللياليا .
ذكرتك بالديرين يوماً فأشرقت ... بنات الهوى حتى بلغن التراقيا .
أبو القاسم ابن الصفراوي .
عبد الرحمن بن عبد المجيد بن إسماعيل بن عثمان بن يوسف بن الحسين بن حفص الإمام جمال الدين أبو القاسم بن الصفراوي الإسكندري المالكي المقرئ المفتي . كان من الأئمة الأعلام وانتهت إليه رئاسة الإقراء والفتوى ببلده ونزل الناس بموته درجة . وحدث ببلده وبمصر والمنصورة وتوفي سنة ست وثلاثين وست مائة . وكان قرأ القراءات على أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف بن محمد بن عطية القرشي وعلى أبي العباس أحمد بن جعفر الغافقي وأبي يحيى اليسع بن حزم وأبي الطيب عبد المنعم بن الخلوف وتفقه على العلامة أبي طالب صالح بن إسماعيل ابن بنت معافي وسمع السلفي وإسماعيل بن عوف وأبا محمد العثماني وجماعة وهو آخر من قرأ على الأربعة المذكورين . خرج لنفسه مشيخة وكان صاحب ديانة وجلالة .
خطيب الموصل .
عبد الرحمن بن عبد المحسن بن الخطيب أبي الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي ثم الموصلي تاج الدين خطيب الموصل وابن خطبائها . كان ورعاً صالحاً متواضعاً شاعراً . توفي سنة تسع وعشرين وست مائة وقيل سنة ست . ومن شعره : مجزوء الكامل .
ما لاح بارق مقلتي ... ه لناظر إلا وشامه .
للصبح يشبه والظلا ... م إذا بدا خداً وشامه .
فاقت محاسنه الحسا ... ن عراقة فينا وشامه .
يا ليته مثل يقو ... ل لمن إليه بي وشى : مه .
قلت : شعر جيد صنع .
كمال الدين الحنبلي .
عبد الرحمن بن عبد المحسن بن حسن بن ضرغام بن صمصام العدل الفقيه المعمر كمال الدين الكناني المصري المنشاوي الحنبلي . مولده بالمنشية التي لقناطر الأهرام سنة سبع وعشرين وست مائة وتوفي سنة عشرين وسبع مائة . وكان يخطب بالمنشية وصار عدلاً بالقاهرة دهراً . سمع من سبط السلفي والصدر البكري وطائفة . سمع منه الشيخ شمس الدين واختبل قبل موته بنحو من أربعة أشهر .
أبو الفرج الواسطي .
عبد الرحمن بن عبد المحسن بن عمر بن شهاب الإمام المفتي الشيخ تقي الدين أبو الفرج الواسطي الشافعي محدث واسط . ولد سنة أربع وسبعين وست مائة وتوفي C ببغداذ سنة أربع وأربعين وسبع مائة . وحج مرات وقدم دمشق وسمع هو والشيخ شمس الدين الذهبي وأخذ عن المخزومي وبنت جوهر والموجودين . وكان كيساً خيراً لطيفاً متواضعاً كثير المحاسن له صورة كبيرة ببلده ومروة تامة . قال الشيخ شمس الدين : حصل كثيراً من مروياته وحدثنا عنه ابن ثردة الواعظ وصحب الشيخ عز الدين الفاروثي .
أبو محمد اليلداني