شملتهم آدابهم فتجاذبوا ... سر السرور محدثاً ومصيخا .
والورق تقرا سورة الطرب التي ... ينسبك منها ناسخ منسوخا .
والنهر قد طمحت به نارنجة ... فتيممت من كنا فيه منيخا .
فتخالهم خلل السماء كواكباً ... قد فارقت بسعودها المريخا .
خرق العوائد في السرور نهارهم ... فجعلت أبياتي له تاريخا .
وقال عبد المنعم ابن الفرس أيضاً : .
ونارنجة تحمر في النهر مثلما ... توقد نجم في المجرة سابح .
قلت : قول ابن المطرف المخزومي أحسن أقوال الجماعة وأوقعها في النفس لا سيما وقد تمم المعنى بقوله : هز ! .
إلا أنه لو قال : فخلته سيفاً غدا مصلتا ! .
لكان أعذب وارشق . وأما ابن مرج الكحل فإنه أضاع الزمان وقصر في التشبيه ! .
ومن شعر ابن الفرس : .
أنظر إلى حضرة في الزرع قارنها ... مبيض نور ومصفر وأحمره .
كثوب وشي أجادته صوائغه ... والريح تطويه طوراً ثم تنشره .
أخامات زرع أم بحور تلاعبت ... بأمواجها أيدي الرياح النواسم .
تراها أمام الريح وهي تسوقها ... كجيش زنوج فر قدام هازم .
قلت ؛ أحسن منه وأرشق قول القاضي عياض : .
أنظر إلى الزرع وخاماته ... تحكي وقد ولت أمام الريح .
كتيبة خضراء مهزومة ... شقائق النعمان فيها جراح .
أبو الفضل الواسطي الشافعي .
عبد المنعم بن مقبل بن علي . أبو الفضل . الفقيه الشافعي . من أهل واسط . قدم بغداد وتفقه على يوسف الدمشقي وغيره ؛ وكان يتكلم في مسائل الخلاف والمناظرات أيام الجمع . قدم بغداد سنة ثلاث وسبعين وخمس ماية .
ومن شعره يرثي ولداً له مات بالحويزة : .
خليلي إن آنستما لامعاً ... من الأفق الشرقي حين يشام .
وهبت من الريح الحويزي نفحة ... مع الريح أو منه استقل غمام .
فلا تعذلاني إن بكيت وإن جرى ... بعيني فرادى أدمع وتوآم .
فإن بهاتيك الأماكن لي هوى ... يؤرق عيني والعيون نيام .
قطب الدين خطيب الأقصى .
عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم بن علي الخطيب الواعظ قطب الدين أبو الذكاء . القرشي الزهري النابلسي الشافعي خطيب الأقصى . أفتى نحواً من خمسين سنة .
ولد سنة ثلاث وست ماية . وتوفي سنة سبع وثمانين وست ماية .
وسمع من داود بن ملاعب وابن البناء الصوفي وأجاز له أبو الفتح المندائي وأبو أحمد ابن سكينة والمؤيد الطوسي وجماعة . وقرأ الأحكام لعبد الحق قراءة بحث على أبي بكر محمد بن عبد الله المقدسي وقرأ اللمع في النحو على رجل بمنى . وتفقه ونظر في العلوم . روى عنه الدمياطي وابن الخباز والمزي وقاضي حلب زين الدين الخليلي وابن مسلم والبرزالي . وكانت له أبهة في النفوس وموقع سني مع الدين والفضل وكان له ميعاد بعد الصبح يلقي فيه من تفسير الثعلبي من حفظه وذكرانه على ذهنه من كثرة ترداد . وأجاز للشيخ شمس الدين مروياته .
عبد المؤمن .
أمير المؤمنين بالمغرب المهدي .
عبد المؤمن بن علي بن علوي القيسي المغربي الكومي التلمساني . ولد بقرية من ضياع تلمسان سنة سبع وثمانين وأربع ماية . وتوفي سنة ثمان وخمسين وخمس ماية .
وكان أبوه يصنع الفخار . وكان فصيحاًن جزل المنطق لا يراه أحداً إلا أحبه وكان أبيض ذا جسم عمم تعلوه حمرة أسود الشعر معتدل القامة وضياً جهوري الصوت . قيل إنه كان نائماً في صباه فسمع أبوه دوياً فرفع رأسه فإذا سحابة سوداء من النحل قد أهوت مطبقة على بيته فنزلت كلها على عبد المؤمن وهو نائم فلم يستيقظ ولا آذاه شيء منها فصاحت أمه فسكنها أبوه وقال : لا بأس ! .
ولكني متعجب ؛ مما يدل هذا عليه ! .
ثم طار النحل كله عنه واستيقظ الصبي سالماً فمشى أبوه إلى زاجر فأخبره بالأمر فقال له : يوشك أن يكون له شأن ! .
يجمع على طاعته أهل المغرب ! .
وكان ابن تومرت المذكور في المحمدين يقول لأصحابه : هذا غلاب الدول . وسمى نفسه أمير المؤمنين وقصده الشعراء ومدحوه . ولما قال فيه الفقيه محمد بن العباس التيفاشي قصيدته التي أولها : .
ما هز عطفيه بين البيض والأسل ... مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي