ثم إن العادل قتله نصر ابن امرأته على فراشه باتفاق من أسامة بن منقذ . ونصر هذا هو الذي قتل الظافر بن الحافظ أيضاً . وكانت قتله العادل سنة ثمان وأربعين وخمس مائة لأن أبا الفضل عباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس وصل إلى القاهرة وهو صبي ومعه أمه بلازة فتزوجها العادل وأقامت عنده زماناً ورزق عباس ولداً سماه نصراً . وكان عند جدته في دار العادل والعادل يحنو عليه ويعزه . ثم إن العادل جهز عباساً إلى الشام للجهاد وكان معه أسامة بن منقذ فلما وصلا إلى بلبيس وهو مقدم الجيش تذاكر طيب الديار المصرية وما هي عليه وكونه يفارقها ويتوجه للقاء العدو ومقاساة البيكار . فأشار عليه أسامة على ما قيل بقتل العادل واستقلاله بالوزارة ويستريح من البيكار . وتقرر بينهما أن نصراً ولد عباس يقتل العادل فإنه إذا رقد العادل فإنه معه في الدار ولا ينكر عليه فقتله نصر .
وكان السلار والد العادل صحبة سقمان بن أرتق صاحب القدس فلما أخذ الأفضل القدس من سقمان وجد طائفة من جماعة سقمان فضمهم إليه الأفضل . وكان في تلك الجماعة السلار والد العادل فأخذه وضمه إليه وحظي عنده وسماه ضيف الدولة وأكرم ولده هذا وجعله في صبيان الحجر عندهم وذلك أن يكون لكل واحد من صبيان الحجر فرس وعدة فإذا قيل له عن شغل ما يحتاج أن يتوقف فيه فإذا تميز صبي من هؤلاء قدم للإمرة . فترجح العادل وتميز بصفات فأمره الحافظ وولاه إسكندرية . وكان يعرف برأس البغل . ثم كان من أمر وزارته وموته ما كان .
كمال الدين الشافعي علي بن سلام والد المفتي شرف الدين وقد تقم ذكره في المحمدين . كان على هذا يدعى كمال الدين وهو دمشقي شافعي توفي شاباً في حريق اللبادين تلك الليلة سنة إحدى وثمانين وست مائة .
القاضي ضياء الدين الأذرعي الشافعي علي بن سليم بن ربيعة القاضي الفقيه الأديب أقضى القضاة ضياء الدين الأذرعي الشافعي . تنقل في قضاء النواحي نحواً من ستين سنة من جهة ابن الصايغ وغيره أكبرها طرابلس وأعمالها وناب بدمشق أياماً سنة تسع وعشرين . وله نظم كثير من ذلك : نظم التنبيه في ستة عشر ألف بيت وكان منطبعاً بساماً عاقلاً مات بالرملة سنة إحدى وثلاثين وسبع مائة وله أربع وثمانون سنة .
علي بن سلمان .
الأديب البغدادي علي بن سلمان الأديب البغدادي أبو الحسن أحد الفضلاء المبرزين والظرفاء المشهورين . قال الأبيوردي : فمن مليح ما أسمعنيه أنه قال : سألنا أبا القاسم ابن ناقياء البغداي عن المتنبي وابن نباتة والرضي فقال : إن مثلهم عندي مثل رجل بني أبنية شاهقة وقصوراً عالية وهو المتنبي فجاء آخر وضرب حولها سرادقاً وخيماً وهو ابن نباته . ثم جاء الرضي ينزل تارة عند هذا وتارة عند ذاك .
علي بن سليمان .
الأخفش الصغير علي بن سليمان بن الفضل أبو الحسن الأخفش الصغير والأخفش أربعة وقد ذكرتهم في الألقاب في حرف الهمزة . توفي الأخفش هذا سنة خمس عشرة وثلاث مائة . قال المرزباني : ولم يكن بالمتسع في الرواية للأخبار والعلم والنحو وما علمته صنف شيئاً البتة ولا قال شعراً . وكان إذا سئل عن مسائل النحو ضجر وانتهر كثيراً ممن يواصل مساءلته ويتابعها . قال : وشهدته يوماً وقد صار إليه رجل من حلوان كان يكرمه فحين رآه قال له : من الكامل .
حياك ربك أيها الحلواني ... وكفاك ما يأتي من الأزمان .
ثم التفت إلينا وقال : ما يحسن من الشعر إلا هذا وما يجري مجراه . وقال محمد بن إسحق النديم في كتاب الفهرست : له من التصانيف كتاب الأنواء كتاب تفسير رسالة كتاب سيبويه كتاب التثنية والجمع كتاب شرح سيبويه كتاب الحداد . قال ياقوت : ووجدت أهل مصر ينسبون إليه كتاباً في النحو هذبه أحمد بن جعفر الدينوري وسماه المهذب .
وكان ابن الرومي الشاعر كثير الهجاء للأخفش لأن ابن الرومي كان كثير الطيرة وكان الأخفش كثير المزح وكان يباكره قبل كل أحد ويطرق الباب عليه فيقول : من بالباب ؟ فيقول الأخفش : حرب بن مقاتل وما أشبه ذلك . فقال له : اختر على أي قافية تريد أن أهجوك فقال : على روي قصيدة دعبل الشينية فقال : من المتقارب .
ألا قل لنحويك الأخفش : ... أنست فقصر ولا توحش