قل للعدى : قد شفى الله الوزيرَ وما ... لجأتمُ من أمانيكم إلى وَزَرِ .
دعوا عليًّا فإنَّ الله فضَّله ... عليكم واسمعوا التفضل من عُمَرِ .
وقال فيه سعد الدين الفارقي الكاتب : .
يَمِّمْ عليًّا فهو بحر الندى ... ونادِهِ في المُظْلِعِ المُعْضِلِ .
فرِفده مُجْدٍ على مجدبٍ ... وجوده مُفْضٍ إلى مُفْضِلِ .
وفيه يقول أبو الحسين الجزّار من قصيدة : .
وغدا لأشياخ الرسالة مُشبهاً ... إذْ راح وهو بوصفهم موصوفُ .
فأبو يزيدٍ كلّ يوم مجدُهُ ... وهو السَّريُّ وفضلُه معروفُ .
الشيخ علاء الدين بن غانم .
علي بن محمد بن سلمان بن حمائل الشيخ الفاضل البليغ الكاتب الشاعر صدرُ الشام القاضي علاء الدين بن غانم بقية الأعيان . تقدم تمام نسبه في ترجمة أخيه الشيخ شهاب الدين بن أحمد بن محمد بن غانم في الأحمدين . توفي بتبوك C تعالى في المحرَّم سنة سبع وثلاثين وسبع مائة وله ست وثمانون سنة .
كان حسنة من حسنات الزمان وبقيَّةً ممَّا ترك الأَعيان ذا مروءة فاتت الوصف وجودٍ أخجل الغمام الواكف . تأذَّى من الدولة مرَّات وما رجع عمَّا له في الخير والعصبيَّة من كرّات . قال الشيخ صدر الدين بن الوكيل : ما أعرف أحداً في الشام إلاَّ ولعلاء الدين بن غانم في عنقه منَّةٌ قلَّدها بصنيعه أو جاهه أو ماله . وكان الشيخ كمال الدين بن الزَّمِلْكاني يكرهه فيقول : ما أدري ما أعمله بهذا علاء الدين بن غانم أيُّ من أردتُ أن أذكره عنده بسوء يقول : ما في الدنيا مثل علاء الدين بن غانم أو كما قال .
وكان وقوراً مليحَ الهيئة مُنوَّر الشيبة ملازم الجماعة مطَّرح التكلّف . حدث عن ابن عبد الدائم والزين خالد وابن النُّشْبي وجماعة . وأجاز لي بخطِّه في سنة ثلاثين وسبع مائة بدمشق . وكان بيته C مأوى كلّ غريب وبابه مقصد كلّ ملهوف . وله النظم والنثر ومدحه شعراء عصره وكان آخر من بقي من رؤساء دمشق . كتب إليه جمال الدين بن نباتة : .
علوت اسماً ومقداراً ومعنًى ... فيا لله من فضلٍ جَليِّ .
كأَنَّكمُ الثلاثةُ ضربُ خيطٍ ... عليٌّ في عليٍّ في عليِّ .
وأجاز لي C بخطِّه . وأنشدني كثيراً من شعره من لفظه . كتب إلى العلاَّمة شهاب الدين محمود : .
لقد غبتَ عنَّا والذي غابَ محسودُ ... وأنتَ على ما اخترتَ من ذاك محمودُ .
حَلَلْنا محلاً بعدَ بُعدك مُمْحِلاً ... به كلُّ شيءٍ ما خلا الشرَّ مفقودُ .
به الباب مفتوحٌ إلى كلِّ شَقْوَةٍ ... ولكنْ به بابُ السعادة مسدودُ .
فكتب إليه الجواب : .
أَأَحبابَنا بِنتم وشطَّ مزارُكم ... برغمي وحالت دون وصلكمُ البِيدُ .
وروَّعتمُ روض الحمى بفراقكم ... فشابت نواصي بانِهِ وهو مولودُ .
ومن لم تَهِجْه الوُرْق وجداً عليكمُ ... توهَّم أنَّ النَّوْحَ في الدَّوْحِ تغريدُ .
وكتب إليه الشيخ نجم الدين الصفدي : .
شَنِّفِ الأَسماعَ بالنظمِ الذي ... قد حكى الأَنجمَ في ظلمائها .
وبدا كالشَّمس إلاَّ أنَّهُ ... زاد في الحُسن على لألائها .
فكتب الجواب : .
ليس للمملوكِ إلاَّ مِدحةٌ ... في معاليكَ وفي آلائها .
وبحارُ الفضل تجري منك لي ... فمقالي قطرة من مائها .
وأخبرني من لفظه قال : عتبني شهاب الدين محمود وهو صاحب ديوان الإنشاء وقال : بلغني أن جماعة ديوان الإنشاء يذمُّونني وأنت حاضر ما تردّ غيبتي . فكتب إليه : .
ومن قال إنَّ القوم ذمُّوك كاذبٌ ... وما منك إلاَّ الفضلُ يوجد والجدُ .
وما أحدٌ إلاَّ لفضلك حامدٌ ... وهل عِيبَ بين النَّاس أَو ذُمَّ محمودُ .
فكتب إليَّ بأبيات منها : .
علمتُ بأنِّي لم أُذمَّ بمجلسٍ ... وفيه كريمُ القومِ مثلُك موجودُ .
ولست أُزكِّي النفس إذْ ليس نافعي ... إِذا ذُمَّ منِّي الفعلُ والاسمُ محمودُ .
وما يكره الإنسانُ من أكل لحمه ... وقد آنَ أن يبلى ويأكلَه الدودُ